عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: نهى النبي عن ثمن الكلب وحلوان الكاهن
  
              

          5346- (ص) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْريِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلعم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ.
          (ش) مُطَابقتُه للتَّرجَمَة ظاهِرَةٌ.
          و(عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المعروف بابن المدينيِّ، و(سُفْيَانُ) هو ابن عُيَينة، و(أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) ابن الحارث بن هشام المَخْزُومِيُّ، و(أَبُو مَسْعُودٍ) عُقْبَة بن عَمْرٍو الأنصاريُّ البدريُّ.
          والحديث مضى في (كتاب البيوع) في (باب ثمن الكلب) فَإِنَّهُ أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف، عن مالكٍ، عن ابن شهابٍ، عن أبي بكرٍ... إلى آخره، ومضى الكلام فيه هناك.
          أَمَّا (ثَمَن الكَلْبِ) فحرامٌ عند الحسن البَصْريِّ وربيعة وحمَّاد بن أبي سليمان والأوزاعيِّ والشَّافِعِيِّ وأحمد وداود ومالكٍ في روايةٍ، واحتجُّوا بهذا الحديث، وقال عطاءٌ وإبراهيم النَّخَعِيُّ وأبو حنيفة وأبو يوسف ومُحَمَّدٌ وابن كنانة وسحنون مِنَ المالكيَّة: الكلاب التي يُنتَفَع بها يجوز بيعها وتُبَاح أثمانها، وأجابوا عن الحديث بأنَّ النهي عنه إِنَّما كان حين أمر رسول الله صلعم بقتل الكلاب، ولمَّا أباح الانتفاع بها للاصطياد ونحوه ونهى عن قتلها؛ نَسَخَ النهيَ المذكورَ.
          وأَمَّا (حُلْوَانُ الكَاهِنِ) فَإِنَّهُ رشوة يأخذها الكاهن على ما يأتي به مِنَ الباطل، وروى الطَّحَاويُّ أيضًا عن أبي مسعودٍ: أنَّ النَّبِيَّ صلعم قال: «ثلاثٌ هنَّ سحتٌ» ثُمَّ ذكر مثل الحديث المذكور.
          وأَمَّا (مَهْرُ البَغِيِّ) وهو الذي يُعطَى على النكاح المحرَّم فحرامٌ، وقال القاضي: لم يختلف العلماء في تحريم أجر البغيِّ؛ لأنَّه ثمنٌ عن محرَّمٍ، وقد حرَّم الله الزنى؛ فلذلك أبطلوا أجر المغنِّية والنائحة، وأجمعوا على بطلانه.