عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب المهر للمدخول عليها
  
              

          ░52▒ (ص) بَابُ الْمَهْرِ لِلْمَدْخُولِ عَلَيْهَا وَكَيْفَ الدُّخُولُ؟ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمَسِيسِ؟
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان حكم المهر للمرأة المدخول عليها.
          قوله: (وَكَيْفَ الدُّخُولُ؟) عطفٌ على ما قبله، أي: وفي بيان كيفيَّة الدخول؛ يعني: بمَ يثبُتُ بينَ العلماء؟ فقالت طائفةٌ: إذا أغلق بابًا وأرخى / سترًا على المرأة؛ فقد وجب الصَّداق كاملًا والعِدَّة، رُويَ ذلك عن عمر وعليٍّ وزيد بن ثابتٍ ومعاذ بن جبلٍ وابن عمر ♥ ، وهو قول الكوفيِّين واللَّيث والأوزاعيِّ وأحمد، وقالت طائفةٌ: لا يجب المهر إلَّا بالمسيس؛ أي: الجماع، رُويَ ذلك عن ابن مسعودٍ وابن عَبَّاسٍ ♥ ، وبه قال شُرَيحٌ والشعبيُّ، وإليه ذهب الشَّافِعِيُّ وأبو ثورٍ، وقال ابن المُسَيَِّبِ: إذا دخل بالمرأة في بيتها صَدَق عليها، وإن دخلت عليه في بيته صَدَقت عليه، وهو قول مالكٍ.
          قوله: (أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالمَسِيسِ) قال ابن بَطَّالٍ: تقديره: أو كيف طلَّقها؟ فاكتفى بذكر الفعل عن ذكر المصدر؛ لدلالته عليه انتهى، وإِنَّما ذكر اللفظين _أي: الدخول والمسيس_ إشارةً إلى المذهبين؛ الاكتفاء بالخلوة والاحتياج إلى الجماع، ولفظ (المسيس) لم يثبت إلَّا في رواية النَّسَفِيِّ.