عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله}
  
              

          ░43▒ (ص) بِابُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}[البقرة:228] مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في قوله تعالى: ({وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ}) أي: للنساء ({أَنْ يَكْتُمْنَ}) أي: يُخفينَ ({مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ) كذا وقع في رواية الأكثرين قوله: (مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ) وهو تفسيرٌ لِما قبله، وليس مِنَ الآية، وكذا فسَّره ابن عَبَّاسٍ وابن عمر ومجاهدٌ والشعبيُّ والحكم بن عُتَيْبة والربيع بن أنسٍ والضَّحَّاك وغير واحدٍ.
          قوله: (وَالْحَمْلِ) بالميم، ويروى بالباء المُوَحَّدة، وقال الزَّمَخْشَريُّ: {مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} مِنَ الولد أو مِن دم الحيض، وذلك إذا أرادت المرأة فراق زوجها فكتمت حملها؛ لئلَّا ينتظر لطلاقها أن تضع، ولئلَّا يشفق على الولد فيترك، أو كتمت حيضها، فقالت وهي حائضٌ: قد طهرت؛ استعجالًا للطلاق انتهى، وفَصَل أبو ذرٍّ بين قوله: ({فِي أَرْحَامِهِنَّ}) وبين قوله: (مِنَ الحيض والحمل) بدائرةٍ؛ إشارةً إلى أنَّهُ أريد به التفسير، لا أنَّها قراءة، وليس في رواية النَّسَفِيِّ لفظة: (مِن) في قوله: (مِنَ الحيض)، والمقصود مِنَ الآية: أنَّ أمر العدَّة لمَّا دار على الحيض والطهر، والاطِّلاعُ على ذلك يقع من جهة النساء غالبًا؛ جُعِلَت المرأة مؤتمنةً على ذلك، وقال أُبَيُّ بْنُ كعب: إنَّ مِنَ الأمانة أنَّ المرأة [ائتُمِنَت على فرجها، وقال إسماعيل: هذه الآية تدلُّ على أنَّ المرأةَ] المعتدَّةَ مؤتمنةٌ على رحمها مِنَ الحيض والحمل، فإن قالت: قد حضت؛ كانت مصدقةً، وإن قالت: قد ولدتُ؛ كانت مصدقةً، إلَّا أن يأتي مِنَ ذلك ما يُعرَف مِن كذبها فيه، وكذلك كلُّ مُؤتَمنٍ فالقول قوله.