الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إذا دعت الأم ولدها في الصلاة

          ░7▒ (بَابٌ): بالتنوين وعدمه (إِذَا دَعَتِ الأُمُّ وَلَدَهَا فِي الصَّلاَةِ): حال من الولد، وهو يشملُ ولد الولد وإن نزل مجازاً، وقيل: حقيقة كما أن الأمَّ تشمل الجدَّة وإن علت مجازاً أو حقيقة، وعلى تنوين ((بَابٌ)) فجواب الشرط محذوف، وللخلاف فيه حذَفَه؛ أي: هل يجيبها أم لا؟ وعلى إجابتها فهل تجب عليه أم لا؟ وإذا وجبت وأجابها فهل تبطل صلاته أم لا؟ والراجح: أنه إذا أجابها تبطلُ صلاته سواء وجبَتْ أم لا.
          وقيل: تجبُ إجابتها ولا تبطلُ، قاله الروياني من أئمتنا الشَّافعية في ((بحره))، وهذا التفصيل في النفل، وقيل: فيه وفي الفرض، والأصح: أنه يحرمُ عليه إجابتها في الفرض، وأما النَّفل: فإن شقَّ عليها / عدم الإجابة مشقَّة لا تحتملُ عادة فيجبُ عليه إجابتها وتبطلُ الصلاة، وأما الأبُ فلا يجيبه مطلقاً.
          نعم الأولى له الإجابة في النَّفل إن شقَّ عليه عدمها، فقد روى ابنُ أبي شيبة بسنده إلى محمَّد بن المنكدر عن النبي صلعم قال: ((اذا دعتْكَ أمُّك في الصلاة فأجبْها، وإن دعاكَ أبوك فلا تجبْه))، وبه قال مكحول، وحمل على إجابتها بالتسبيح.
          وقال ابنُ حبيب: إن كان في نافلة فليخففْ ويسلِّم ويجيبهما، وقال العوام: سألتُ مجاهداً عن الرجل تقام عليه الصلاة وتدعوهُ أمه أو والده؟ قال: يجيبهما.
          وقال الحسنُ في الرجل تقول له أمُّه أفطرْ قال: يفطر، فليس عليه قضاء، وله أجر الصَّوم والبر، وإذا قالت له: لا تخرجْ إلى الصلاة فليسَ لها في هذا طاعة، هذه فريضةٌ، فدلَّ هذا على أن قياس قوله: اذا دعته في الصلاة ألا يجيبها.