مصابيح الجامع الصحيح

سورة الرعد

           ░░░13▒▒▒ (سورة الرعد).
          نقل الشافعي في «الأم» عن الثقة عن مجاهد أنَّ الرعد ملك، والبرق أجنحته، تسوق السحاب، ثم قال: وما أشبه ما قال بظاهر القرآن، وهو قوله سبحانه: {يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد:13]
          إشارة: قول الشافعيَّة: يسبح عند الرعد والبرق، أما التسبيح عند الرعد؛ فروى مالك عن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته).
          وأما استحباب التسبيح عند البرق؛ فذكره صاحب «التنبية»، وتابعه عليه في «الروضة» و «المنهاج»، ولم يذكره في «المهذب» ولا في «شرحه».
          قوله: ({له معقبات} [الرعد:11]): والمعقبات ملائكة من بين يديه، وملائكة من خلفه؛ ولذلك قال: معقبات، ولم يقل: معقبون؛ لوجود تاء التأنيث في الملائكة، فإذا قلت: ملائكة وملائكة؛ أي: جماعة منهم، وجماعة حسن فيه مثل ذلك كما قال تعالى: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا. فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} [الصافات:1- 2] ألا ترى كيف أخبر عنهم أنهم يقولون: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات:165] ولكن لما أراد ملائكة كل سماء وقوعهم جماعة جماعة؛ قال: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} [الصافات:1] ولم يقل والصافين، وعلى هذا المعنى جاء {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ} وإنما لم يقل متعاقبات.
          وقد قال ◙: «يتعاقبون فيكم ملائكة» وإذا تعاقبوا؛ فهم متعاقبون لا معقبون؛ لأنه يقال: عقب فهو معقب إذا تكرر الفعل والفاعل واحد، فإن كان فعلين من فاعلين؛ قيل: في الفاعلين تعاقبا، وكل واحد معاقب لصاحبه، ولا يكون الفعلان في المسألتين إلا من جنس واحد، مثل: قيامين أوقعودين.
          قوله: (من الْمَلِيِّ) بفتح، ثم بكسر، ثم تشديد بغير همز.
          قوله: (والملاوة): بفتح الميم، وضمها، وكسرها؛ أي: بذا طيل في عمره، يقال لمن لبس الجديد: أبليت جديدًا وتمليت حبيبًا؛ أي: عشت معه ملاوة من دهرك، وتمتعت به، وأنت عنده مَلاوة من الدهر ومُلاوة، ومِلاوة؛ أي: حينًا وبرهة.
          وقوله بعده: (ملًى من الأرض): مقصور غير مهموز.
          قوله: (تملأ بطن كل وادي) وقع للأكثر (تملأ بطن كل وادٍ) والأصيلي: (كل واد) وهو أشبه، قاله شيخنا في «الفتح».