مصابيح الجامع الصحيح

سورة يوسف

           ░░░12▒▒▒ (سورة يوسف).
          قوله: (وقال مجاهد المتك): بضم الميم وسكون الفوقانية، باللغة الحبشية الأترنج، وقد تدغم النون في الجيم فيقال: الأترج.
          قوله: (عن حصين): بضم الحاء.
          قوله: (متكًا): بضم الميم، وسكون التاء، وتنوين الكاف، هذه قراءة ابن عباس وابن عمر، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والجحدري، وأبان بن تغلب، وكذلك قرأ ابن هرمز، وعبد الله بن معاذ إلا أنهما فتحا الميم، وقرأ أبو جعفر، والزهري (متَّكًا) مشدد التاء دون همز، وقرأ الحسن وابن هرمز (متَّكاء) بالتشديد والمد، وهي كقراءة العامة، إلا أنه أشبع الفتحة فتولد منها ألف.
          قوله: (بلغ أشدَّه): يقال: (بلغوا أشدهم)؛ يعني:يضاف إلى المفرد والجمع بلفظ واحد، وقال بعضهم: هو جمع ومفرده: شدٌّ، والأشدُّ يطلق على حال بعد حصول القوة وقبل الضَّعف.
          قوله: (وأبطل الذي قال): يعني: قد قال باطلًا، وقصد البخاري أن يبين أنَّ المتكأ في الآية اسم مفعول من الاتكاء، وليس هو متكأ بمعنى الأترج، ولا بمعنى طرف الفرج، فجاء بعبارات معجرفة، قاله الكرماني.
          واختلف المفسرون في تفسير {متكأ}: فقيل: مجلسًا للطعام، وقيل: طعام على سبب الجوار(1)، وقيل: كل ما يحز؛ لأنه في الغالب يؤكل على متكأ، وقيل: بطيخًا وموزًا، وقيل: أترجًا وعسلًا يؤكل به، وقيل: زمَّاوردا، قاله الشيخ عز الدين.
          قوله: (شد) بفتح الشين وكسرها، كذا في أصلنا الشَّامي والمصري، وقال ابن قرقول: (بالضَّمِّ كذا لهم، وعند المهلَّب بالفتح، وكذلك حكى أبو عبيدة بالضَّمِّ، ولم ينكر الفتح، وحكى غيره اللغتين...) إلى آخر كلامه، وكلام الجوهري طويل؛ فانظره، وفيه: أمر يقال: وأما قول من قال: واحده: شَدٌّ؛ مثل: كلب وأكلب، أو شِدٌّ؛ مثل: ذئب وأذؤب... إلى آخر كلامه.
          قوله: (المثل): بتثليث الميم.
          لطيفة: ورأيت في «أبي داود» في كتاب (الزكاة) قال: شبَّرت قثَّاء بمصر ثلاثة عشر شبرًا، ورأيت أترنجة على بعير بقطعتين قطعت، وصيِّرت على مثل عدلين.
          إشارة: قال الشيخ سراج الدين: دعوى البخاري أن ذلك ليس في كلام العرب من الأعاجيب فقد قال في «المحكم» : المتك الأترج، وهو ما في «الصحاح» عن حكاية الفراء، وعن الأخفش هو الأترج، وقال في الجامع: المتك: الأترج، وأنشد عليه شعرًا، وقال أبو حنيفة الدينوري: المتك؛ بالضم: الأترج، قال: وقد قرأ قوم هذا الحرف بالإسكان، وقالوا: هو الأترج، وكذلك قال ابن عباس وذكر أن الذي بالفتح هو السوسن ونحوه، ذكره أبو علي القالي، وابن فارس في المجمل وغيرهما، انتهى
          قوله: (شغفها) يقال: بلغ إلى شغافها، وهو غلاف قلبها، وأما شعفها فمن المشعوف، انتهى
          العامة _ بالغين المعجمة مفتوحة _ يعني: خرق شغاف قلبها، وهو مأخوذ من الشغاف، والشغاف: حجاب القلب، جُليدة رقيقة، وقيل: سويداء القلب، وقيل: داء يصل إلى القلب من أجل الحب، وقيل: جليدة رقيقة يقال لها: لسان القلب ليست محيطة به، ومعنى شغف قلبه؛ أي: حرق حجابه أو أصابه فأحرقه بحرارة الحب، وهو من شغف البعير بالهناء إذا طلاه بالقطران فأحرقه، والمشغوف من وصل الحب لقلبه.
          وقرأ ثابت البناني _ بكسر الغين_ قيل: وهي لغة تميم، وقرأ أمير المؤمنين علي، وعلي بن الحسين، وابنه محمد، وابنه جعفر، والشعبي، وقتادة بفتح العين المهملة.
          وروي عن ثابت البناني، وأبي رجاء كسر المهملة أيضًا.
          واختلف الناس في ذلك، فقيل: هو من شعف البعير إذا هنأه فأحرقه بالقطران، قاله الزمخشري.
          وقال أبو البقاء لما حكى هذه القراءة: من قولك مشغوف بكذا؛ أي: مغرًى به، وعلى هذه الأقوال فمعناها متقارب، وفرق بعضهم بينهما.
          وقال ابن زيد: الشغف؛ يعني بالمعجمة في الحب، والشعف في البغض.
          وقال الشعبي: الشغف والمشغوف بالمعنى سقوطه في الحب، والشعف الجنون، والمشغوف المجنون.
          إشارة: ثابت البناني معروف الترجمة، قال السهيلي: روي أنه التمس في قبره بعد أن دفن، فلم يوجد، فذكر ذلك لبنته، فقالت: كان يصلي فلم تروه لأني كنت أسمعه إذا تهجد بالليل يقول اللَّهُمَّ اجعلني ممن يصلي في قبره بعد الموت، وتقدم في كتاب الجنائز بأطول من هذا. /
          (يئسوا): يعني: الاستفعال بمعنى الثلاثي، و(معناه): أي: معنى عدم اليأس: الرجاء، أو معنى التركيب: الرجاء؛ إذ لا روح ثمَّة حقيقة.
          ({خلصوا} [يوسف:80]: اعتزلوا): عن الناس وانفردوا عنهم.
          النَّجيُّ:يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث، والمثنى والجمع، وجاء الأنجية جمعًا له.


[1] كتب في هامش الأصل: (لعله: «شيء يشبه الخوان» ).