مصابيح الجامع الصحيح

كتاب التيمم

           ░░7▒▒ (كتاب التَّيمُّم)
          هو خصيصةٌ خصَّ الله سبحانه هذه الأمَّة به، وثبتت مَشْروعيَّته أنَّه لمَّا كان أصل الحياة الماء والمصير إلى التُّراب؛ شُرِعَ التَّيمُّم به؛ ليستشعر بفقد الماء موته، وبالتَّيمُّم افتقاره، فذهب عنه الغسل، ويسهِّل عليه ما صَعُبَ من العمل، وفي خصوصيَّة هذه الأمَّة بالتَّيمُّم حكمتان:
          الأولى: أنَّ طهارتهم الأصليَّة كانت بالماء، فنقل الله منهَا عند عدمها إلى التُّراب الَّذي هو أصل الخِلْقة؛ لتكون العبادة دائرة بين قوام الحياة وأصل الخلقة.
          الثَّانية: أنَّ النَّفس خلقها تعالى على جبلَّة، وهي أنَّ كلَّما تمرنت عليه أنست به، وكلَّما اعرضت عنه يسلب فلو لم توظِّف عليهما عند عَدَم الماء حركة في الأعضاء وإقبالًا على الطُّهور؛ لكانت عند وجود الماء تبعد عليها العبادة، فيشقُّ عليها العبادة، فشرع تعالى لها ذلك دائمًا حتَّى يكون أنسها به.
          فإنَّما الخير عبادة، والشَّر لجاجة، وإذا ثبت أنَّه قائمٌ مقامه، فإنَّه عاملٌ عمله في إباحة الصَّلاة ورفع الحدث، فإنَّ الحدث ليس بمعنى حسيًّ قائم، وإنَّما هو عبارة عن المنع من الصَّلاة، فإذا تيمَّم وصلَّى؛ زال المانع، وارتفع حكم الحدث وقدَّمه فقال: طهارة الماء إلى غايةٍ، وهي وجود الحدث وحدُّ طهارة التَّيمُّم إلى غاية، وهي وجود الماء، والَّذي يقول أنَّ عليه إن يطلب الماء لكلِّ صلاة، فإن وجده؛ استعمله وصلَّى، وإن لم يجده؛ بقي على حكم التَّيمُّم الأوَّل؛ قاله ابن العربيِّ.
          فائدة: نزل فرض التَّيمُّم في سنة ستٍّ أو أربع.
          وعقد عائشة ╦: كان ثمنه اثني عشر درهمًا.
          تنبيه: لمَّا ذكر البخاريُّ أنواع الطَّهارة وأجناسها؛ عقَّبه بما يَصْنع من لم يجد ماءً ولا ترابًا.
          قوله: (قَولُ اللهِ) مبتدأ، و(فَلَمْ يَجِدُوا) إلى آخره خبر، أي: قول الله في شأن التَّيمُّم هذه الآية.