إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من اقتنى كلبًا إلا كلب ضار لصيد أو كلب ماشية

          5481- وبه قال: (حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) البلخيُّ قال: (أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ) الأسود ابن عبد الرَّحمن (قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ) وسقط لأبي ذرٍّ لفظ «عبد الله» ☺ (يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم ‼ / يَقُولُ) في محلِّ الحال من النَّبيِّ صلعم ، وقال الفارسيُّ: مفعول ثانٍ لسمع (مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبٌ) أي: غير كلب (ضَارٍ لِصَيْدٍ) بتنوين كلبٌ مع الرفع، وضارٍ بلا ياء، كذا في الفرع كأصله، يعني: صفة لكلب(1)، وفي غير الفرع وأصله(2): ”إلَّا كلبَ ضارٍ“ بفتح «كلب» بلا تنوين، مضاف لضار من إضافة الموصوف إلى صفته للبيان، نحو: شَجَر الأراكِ، أو ضارٍ صفة للرجل الصَّائد، أي: إلَّا كلب الرَّجل المعتاد للصيد. وفي بعض النُّسخ: ”ضاري“ بإثبات الياء على اللُّغة القليلة في إثباتها مع حذف الألف واللام. ولأبي ذرٍّ في الفرع وأصله(3): ”إلَّا كلبًا ضاريًا“ بإثبات الياء مع النَّصب فيهما وهو واضحٌ، و«إلَّا» بمعنى «غير» صفة لكلب لتعذُّر الاستثناء(4)، ويجوز أن تُنزَّل النَّكرة منزلة المعرفة فيكون استثناء، أي: غير كلبِ صيد.
          وقيَّد ابنُ الحاجب مجيئها صفة بأن تكون تابعةً لجمع منكورٍ غير محصورٍ، كقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء:22] وكذلك هي هنا لأنَّ قوله: كلب أراد به جنس الكلاب. فإن قلتَ: كيف يصحُّ أن تكون إلَّا(5) صفة وهي حرف، وإن كانت بمعنى غير، والحرفُ لا يوصف ولا يوصف به، والواقع بعد «إلَّا» قوله: «الله» و(6)هو اسمُ علم، والعلم يوصف ولا يوصف به(7). أُجيب بأنَّ شرط الصِّفة أن تكون اسمًا لأنَّها من خواصِّ الأسماء وأن يكون في ذلك الاسم عموم ومعنى فعل، وكلُّ واحدة(8) من هاتين الكلمتين على انفرادِهما عارٍ من هذا الشَّرط، فإذا اجتمعا أدَّى زيد مثلًا(9)(10)معنى الاسميَّة وأدَّت إلَّا معنى المغايرة، فقاما مقام الصِّفة بمجموعهما بخلاف انفرادهما، ألا ترى أنَّك تقول: دخلت إلى رجلٍ في الدَّار، فيكون الحرف مع الاسم في موضع الصِّفة لرجل، وكلُّ واحد(11) منهما على انفراده لا يجوز أن يكون صفة.
          (أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ) بالرفع فاعل «ينقص»، ولابنِ عساكرَ بالنَّصب على استعمالِ نقص متعديًّا، وظاهر قوله: «من أجره» أنَّ النَّقص ليس في العمل بل في الأجر، ويحتمل أنَّ النَّقص في الأجر بالتَّبعية لنقص العمل على معنى أنَّه لم يوفَّق لتمامه، بل وقع مختلًّا بمقدارِ القيراطين من العمل.


[1] «يعني صفة لكلب»: ليست في (د).
[2] «وأصله»: ليست في (د).
[3] في (د): «كأصله».
[4] في (ص): زيادة «أي غير كلب صيد».
[5] في (ب) و(س): «لا».
[6] في (د) و(ص): «قوله إلا الله»، وفي (م): «قول الله».
[7] في (ل): «والعَلَم لا يُوصَف، ولا يُوصَف به»
[8] في (د) و(ل): «وكلُّ واحد».
[9] «زيد مثلًا»: ليست في (ص) و(د)، وقال في الهامش: قوله: أدى زيد، أي: مثلًا وأراه أدى العلم الواقع بعد إلا معنى الاسمية.
[10] في (م) و(د): «ذلك».
[11] في (ص): واحدة، وقال في الهامش: الذي في خطه هنا أيضًا: واحد، وأيضًا قوله: على انفرادها في خطه على انفراده.