إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب المسك

          ░31▒ (بابُ) حكمِ (المِسْكِ) بكسر الميم، الطِّيب المعروف، القطعةُ منه مِسْكة، والجمع كعنب، وحقيقة المسك دمٌ يجتمعُ في سرَّة الغزال في وقت معلومٍ من السَّنة بمنزلة المواد الَّتي تنصبُّ(1) إلى الأعضاءِ، وهذه السُّرة(2) جعلها الله تعالى معدنًا للمسكِ، فإذا حصلَ ذلك الورمُ مرضتْ له الظِّباء إلى أن يتكاملَ، ويقال: إنَّ أهل النبتِ يضربون لها أوتادًا في البريَّة تحتكُّ بها لتسقطَ عندها، وفي «مشكل الوسيط» لابن الصَّلاح عن ابن عقيل البغداديِّ: أنَّ النَّافِجةَ في جوف الظَّبيةِ كالإنْفَحَة في الجدْي، وأنَّه سافر إلى بلاد المشرق حتَّى حمل هذه الدَّابة إلى بلاد المغربِ لِخُلْفٍ جرى فيها، وعن عليِّ بن مهديٍّ الطَّبريِّ أحد أئمة أصحابنا أنَّها تُلقيها من جوفها كما تُلقي البيضةَ الدَّجاجةُ، والمشهورُ أنَّها ليست مودعة في جوف(3) الظَّبية بل هي خارجةٌ ملتحمةٌ في سُرَّتها، ونقل عن القفَّال الشَّاشيِّ أنَّها تندبغُ(4) بما فيها من المسكِ فتطهر كطهارةِ المدبوغاتِ، وقد ذكر(5) القزوينيُّ: أنَّ دابَّة المسك تخرجُ من الماء كالظِّباء في وقت معلومٍ، والنَّاس يصيدون منها شيئًا كثيرًا(6)، فتذبحُ فيوجد في سُرَّتها دم وهو المسكُ لا يوجدُ له هناك رائحة حتَّى يحملَ إلى غير ذلك الموضع من البلادِ. وقال في «القاموس»: المسك: مقوٍّ للقلبِ، مشجِّع للسَّوداويِّين(7)، نافعٌ للخفقانِ والرِّياح الغليظةِ في الأمعاء والسُّموم والسُّدَد، وفي مسلم من حديثِ أبي سعيد مرفوعًا: «المسكُ أطيبُ الطِّيب»(8).


[1] في (م): «تصب».
[2] في (س): «السرر».
[3] «جوف»: ليست في (ص) و(م).
[4] في (ب): «تدبغ».
[5] في (د): «وذكر».
[6] في (م): «أشياء»، وفي (د): «شيئًا يسيرًا».
[7] في (م): «للسوداوتين»، وفي (ص): «للسوداوين».
[8] قوله: «وفي مسلم من حديث أبي سعيد مرفوعًا: المسك أطيب الطِّيب» ليس في (د).