إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب

          ░34▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين: (إِذَا وَقَعَتِ الفَأْرَةُ) بالهمز السَّاكن، واحد الفأر (فِي السَّمْنِ الجَامِدِ أَوِ الذَّائِبِ) أو غيره من الأدهانِ والأعسالِ ونحوهما(1)، هل يفترق الحكم أم لا؟ وفأرةُ البيوت: حيوانٌ مؤذٍ زائد في الفسادِ، وهي(2) الفُويسِقةُ الَّتي أمر النَّبيُّ صلعم بقتلها في الحلِّ والحرمِ، وسمِّيت بذلك لخروجِهَا من جُحْرهَا على النَّاس، وأصل الفسقِ الجورُ والخروجُ عن الاستقامة، وسُمِّيت بعض الحيواناتِ فواسقُ على الاستعارةِ لخبثهنَّ، وقيل: لخروجهنَّ عن الحرمةِ في الحلِّ والحرم‼، ولأنَّ الفأرةَ أبدتْ جورها الخبيث في قطعِ حبالِ سفينةِ نوح، والفأرُ عظيمُ الحيل، كثيرُ الأذى، يقرضُ الثِّياب والكتب، ويأكلُ الحبوب والزَّرع والمائعات، ويرمِي فيها بعره ليفسدهَا وهي تعادِي العقرب، فإذا جعلت فأرةً وعقرباء في قارورةٍ، فإنَّه يقعُ بينهما قتالٌ عجيبٌ لأنَّ العقربَ تلدغُ الفأرةَ، والفأرةُ تحتالُ على أن تقبضَ إبرتها، والعقربُ لا تمكِّنها من ذلك وتضربها، فإن(3) قبضتِ الفأرةُ على إبرتها غلبتْها وإن(4) ضربتْها العقرب كثيرًا أهلكتها، ومن الفأر صنفٌ يحبُّ الدَّراهم والدَّنانير يسرقها ويلعبُ بها وكثيرًا ما يخرجها من بيتهِ ويلعبُ بها ويرقص عليها، ثمَّ يردُّها إلى بيتهِ واحدًا واحدًا، فإذا(5) أقفر البيت من الأُدْم لم يألفْه الفأر، وقال أنسُ بن أبي إياس: وقفت عجوزٌ على قيس فقالت: أشكو إليك قلَّة الفأرِ، فقال: ما ألطفَ ما سألتِ! تذكر(6) أنَّ بيتَها أقفر من الأُدْم فأكثرْ لها يا غلام. نقله الزَّين عبد الرَّحمن بن داود القادريُّ الحنبليُّ في كتابه «نزهة الأفكار في خواص الحيوان والنَّبات والأحجار».


[1] في (د): «ونحوها».
[2] في (د): «وهو».
[3] في (م): «فإذا».
[4] في (م): «إذا»، وفي (د): «وإذا».
[5] في (د): «وإذا».
[6] في (م): «فذكرت».