إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كل ما خزق وما أصاب بعرضه فلا تأكل

          5477- وبه قال: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ) بن عُقبة، ولأبي ذرٍّ: ”قتيبة“ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابنُ المعتمر (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعيِّ (عَنْ هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى، النَّخعيِّ الكوفيِّ، والألف واللام في الحارث للمح الصِّفة (عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نُرْسِلُ الكِلَابَ المُعَلَّمَةَ) للصَّيد، والمعلَّمة: بفتح اللام المشددة، هي الَّتي إذا أغراها صاحبُها على الصَّيد طلبته، وإذا زجرها انزجرتْ، وإذا أخذتِ الصَّيد حبستْهُ على صاحبها، فلا تأكلْ من لحمه أو نحوه كجلدِه وحَشْوته قبل قتلهِ أو عَقِبَه، مع تكرُّرٍ لذلك، يظنُّ به تأديبُها، ومرجعه أهل الخبرةِ بالجوارحِ (قَالَ) صلعم : (كُلْ مَا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ. قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ. قَالَ: وَإِنْ قَتَلْنَ) جواب الشَّرط محذوفٌ يدلُّ عليه ما قبله، أي: وإن قتلنَ تأمرني بأكلهِ؟ قال صلعم : «وإنْ قتلنَ فكلْ؛ إذ هو ذكاتُه ما لم يشرَكْها كلبٌ ليس منها». وعند أبي داود: «ما علَّمتَ من كلبٍ أو بازٍ ثمَّ أرسلتَهُ وذكرتَ اسم الله عليه فكلْ ممَّا أمسكَ عليك» قلت: وإن قتلَ؟ قال: «إذا(1) قتلَ ولم يأكلْ منه».
          قال التِّرمذيُّ: والعمل على هذا عند أهلِ العلم لا يرونَ بصيدِ البُزَاة والصُّقور بأسًا. انتهى.
          وفيه: التَّسوية في الشُّروط المذكورة بين جارحة‼ السِّباع وجارحةِ الطَّير، وهو ما نصَّ عليه الشَّافعيُّ كما نقله البلقينيُّ كغيره، ولم يخالفْه أحدٌ من الأصحاب. وكلام «الرَّوضة» وأصلها يخالف ذلك حيث خصَّها بجارحة السِّباع، وشرط في جارحة الطَّير ترك الأكل فقط.
          قال عديٌّ: (قُلْتُ): يا رسول الله (وَ(2)إِنَّا نَرْمِي) الصَّيد (بِالمِعْرَاضِ) بكسر الميم، والباء باء الآلة، وهو(3) قول الخليل وأتباعه، سهمٌ لا ريشَ له ولا نصل. وقاله(4) النَّوويُّ _كالقاضي عياض، وقال القرطبيُّ: إنَّه المشهور(5)_: خشبةٌ ثقيلةٌ آخرها عصًا محدَّد رأسها، وقد لا يحدَّد. وسبق ذلك مع غيره قريبًا (قَالَ) ╕ : (كُلْ) بسكون اللام مخففة (مَا خَزَقَ) بالخاء والزاي المعجمتين المفتوحتين المخففتين آخره قاف، جرح ونفذ وطعنَ فيه، قاله في «الكواكب». وقال في «القاموس»: خزقَه يخزقه طعنَهُ، فانخزقَ، والخازق: السِّنان. وقال في «المطالع»: خزقَ المِعراضُ: شقَّ اللَّحم وقطعهُ (وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ) بغير طرفهِ المحدَّد (فَلَا تَأْكُلْ) فإنَّه ميتة.


[1] في (م): «وإن».
[2] «و»: ليست في (م) و(د).
[3] في (د) زيادة: «في».
[4] في غير (د): «وقال».
[5] في (د): «المشهور أنه».