إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه ولا عتاقة

          ░6▒ (باب) حكم (الخَطَأ وَالنِّسْيَانِ فِي العَتَاقَةِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ) أي: نحو كلٍّ منهما(1) من الأشياء التي يريد الشَّخص أن يتلفَّظ بشيءٍ منها، فيسبق لسانه إلى غيره كأن يقول(2) لعبده: أنت حرٌّ، أو لامرأته: أنت طالقٌ من غير قصدٍ، فقال الحنفيَّة: يلزمه الطَّلاق، وقال الشَّافعيَّة: من سبق لسانُه إلى لفظ الطَّلاق في محاورته، وكان يريد أن يتكلَّم بكلمةٍ أخرى لم يقع طلاقه، لكن لم تُقبَل(3) دعواه سبق اللِّسان في الظَّاهر إلَّا إذا وُجِدت قرينةٌ تدلُّ عليه، فإذا قال: طلَّقتك، ثمَّ قال: سبق لساني وإنَّما أردت طلبتك(4) فنصَّ الشَّافعيُّ ☼ أنَّه لا يسع(5) امرأته أن تقبل منه، وحكى الرُّويانيُّ عن صاحب «الحاوي» وغيره: أنَّ هذا فيما إذا كان الزَّوج مُتَّهَمًا، فأمَّا إن(6) ظنَّت صدقه بأمارةٍ فلها أن تقبل قوله ولا تخاصمه(7)، قال الرُّويانيُّ: وهذا هو الاختيار، نعم يقع الطَّلاق والعتق من الهازل ظاهرًا وباطنًا، ولا يُدَيَّن فيهما (وَلَا عَتَاقَةَ إِلَّا لِوَجْهِ اللهِ) تعالى أي: لذاته ولجهة(8) رضاه، ومراده بذلك: إثبات اعتبار النِّيَّة؛ لأنَّه لا يظهر كونه لوجه الله تعالى إلَّا مع القصد، وفي حديث ابن عبَّاسٍ مرفوعًا _كما في الطَّبرانيِّ_: «لا طلاقَ إلَّا لعدَّةٍ ولا عِتاقَ(9) إلَّا لوجه الله» (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم ) فيما سبق موصولًا في حديث عمر بن الخطَّاب ☺ [خ¦1]: (لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) الحديث (وَلَا نِيَّةَ لِلنَّاسِي وَالمُخْطِئِ) وهو من أراد الصَّواب فصار إلى غيره، وقال الحافظ ابن حجرٍ: وللقابسيِّ: ”والخاطئ“ وهو من تعمَّد(10) لما لا ينبغي‼.


[1] «أي: نحو كلٍّ منهما»: ليس في (د1) و(ص) و(م)، وسقطت العبارة من (ج) أيضًا، وكتب على هامشها معزوة للشيخ زكريا الأنصاري.
[2] في (د1) و(ص) و(م): «فيقول».
[3] في غير (ب) و(س): «يقبل».
[4] زيد في (د): «فسبق لساني»؛ وهو تكرارٌ.
[5] في (م): «تسمع»، وهو تحريفٌ.
[6] في (د) و(م): «إذا».
[7] في (ص): «تخاصم».
[8] في (ب) و(د) و(م): «أو لجهة».
[9] في (ب) و(س) و(د1): «عتاقة»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (5/191).
[10] في (م): «يعمل»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (5/191).