إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: مات رجل فقيل له، قال: كنت أبايع الناس

          2391- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ) هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ عَبْدِ المَلِكِ) بن عميرٍ القرشيِّ الكوفيِّ (عَنْ رِبْعِيٍّ) بكسر الرَّاء وسكون الموحَّدة وكسر المهملة وتشديد التَّحتيَّة، ابن خِراشٍ (عَنْ حُذَيْفَةَ) بن اليمان ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: مَاتَ رَجُلٌ) لم يُسَمَّ (فَقِيلَ لَهُ) وفي «باب من أنظر موسرًا(1)» [خ¦2077] من طريق منصورٍ عن رِبْعيٍّ: «قالوا: أعملتَ(2) من الخير شيئًا؟» ولأبي ذرٍّ عن المُستملي هنا: ”فقيل له: ما كنت تقول؟“ (قَالَ: كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فَأَتَجَوَّزُ) بتشديد الواو (عَنِ المُوسِرِ، وَأُخَفِّفُ عَنِ المُعْسِرِ، فَغُفِرَ لَهُ) بضمِّ الغين المعجمة مبنيًّا‼ للمفعول. (قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ) عقبة بن عمرٍو الأنصاريُّ البدريُّ بالإسناد السَّابق (سَمِعْتُهُ) أي: هذا الحديث (مِنَ النَّبِيِّ صلعم ) ولأبي ذرٍّ عن الكمشيهنيِّ: ”عن النَّبيِّ صلعم “ بالعين بدل الميم، ولفظ مسلمٍ: اجتمع حذيفة وأبو مسعودٍ، قال حذيفة: لقي رجلٌ ربَّه، فقال: ما عملت؟ قال: ما عملت من الخير إلَّا أنِّي كنت رجلًا ذا مالٍ، فكنتُ أُطالب به النَّاس، فكنت أَقْبَل(3) الميسور، وأتجاوز عن المعسور، قال: «تجاوزوا عن عبدي»، قال أبو مسعودٍ: هكذا سمعت رسول الله صلعم يقول، وفي روايةٍ له من طريق شقيقٍ عن أبي مسعودٍ: «حُوسِب رجلٌ ممَّن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيءٌ». وهو عامٌّ مخصوصٌ؛ لأنَّ عنده الإيمان، ولذلك يجوز العفو عنه {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ}[النساء:48] والأليق به أنَّه كان ممَّن قام بالفرائض؛ لأنَّه كان ممَّن وُقِيَ شحَّ نفسه، فالمعنى: أنَّه لم يوجد له من النَّوافل إلَّا هذا، ويحتمل أنَّ له نوافلَ أُخَر، لكن هذا أغلب عليه فلم يذكرها اكتفاءً بهذا، ويحتمل أن يكون المراد بـ «الخير» المال، فيكون المعنى: أنَّه لم يوجد له(4) فعل بِرٍّ في المال إلَّا إنظار المعسر، والله أعلم.


[1] في (ب) و(ص): «معسرًا»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[2] في (ص): «أعلمت»، وهو تحريفٌ.
[3] في (ص): «أقيل».
[4] «له»: ليس في (د) و(د1) و(م).