إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث علي: ألا تصلون؟

          7347- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) بضمِّ المعجمة وفتح المهملة، ابن أبي حمزة الحافظ، أبو بشرٍ الحمصيُّ مولى بني أميَّة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ أبي بكرٍ أحد الأعلام. (ح) مهملةٌ للتَّحويل من سندٍ إلى آخر: قال البخاريُّ: (حَدَّثَنِي) بالإفراد بغير واوٍ، ولأبي ذرٍّ: ”وحدَّثني“ (مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ) بالتَّخفيف البيكنديُّ الحافظ قال: (أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ) بفتح العين والفوقيَّة المشدَّدة وبعد الألف موحَّدةٌ، و«بَشير»: بفتح الموحَّدة وكسر المعجمة(1)، الجزرِيُّ، بالجيم والزَّاي ثمَّ الرَّاء المكسورة (عَنْ إِسْحَاقَ) بن راشدٍ الجزريِّ أيضًا، ولفظ / الحديث له (عَنِ الزُّهْرِيِّ) أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ) بضمِّ الحاء وفتح السِّين المهملتين، ابن عليِّ بن أبي طالبٍ(2) (أَنَّ) أباه (حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ☻ أَخْبَرَهُ أَنَّ) أباه (عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ) ☺ (3) (قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ ♀ (4) بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلعم ) بنصب «فاطمةَ» عطفًا على الضَّمير المنصوب في «طرقَه» أي: أتاهما ليلًا (فَقَالَ لَهُمْ) لعليٍّ وفاطمة ومَن معهما يحضُّهم: (أَلَا) بالتَّخفيف وفتح الهمزة (تُصَلُّونَ؟!) وفي رواية شُعيب بن أبي حمزة في «التَّهجُّد» [خ¦1127] فقال لهما: «ألا تُصلِّيان» بالتَّثنية (فقَالَ عَلِيٌّ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللهِ) استعارةٌ لقدرته (فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا) بفتح المثلَّثة فيهما: أن يوقظنا للصَّلاة أيقظنا (فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) مُدبرًا (حِينَ قَالَ لَهُ) عليٌّ (ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْئًا) أي: لم يُجبه بشيءٍ، وفيه التفاتٌ، وفي رواية شُعيبٍ [خ¦1127]: «فانصرف حين قلتُ(5) ذلك ولم يرجع إليَّ شيئًا» (ثُمَّ سَمِعَهُ وَهْوَ مُدْبِرٌ) بضمِّ الميم وسكون الدَّال المهملة وكسر الموحَّدة: مولٍّ ظهره، ولأبي ذرٍّ: ”وهو مُنصرِفٌ“ حال كونه (يَضْرِبُ فَخِذَهُ) _بكسر الخاء وفتح الذَّال المعجمتين_ تعجُّبًا من سرعة جوابه (وَهْوَ) أي: والحال أنَّه (يَقُولُ: {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}[الكهف:54]) ويؤخذ من الحديث أنَّ عليًّا ترك فعل الأَوْلى وإن كان ما احتجَّ به متوجِّهًا(6)، ومن ثمَّ تلا النَّبيُّ صلعم الآية، ولم يُلزِمه مع ذلك بالقيام إلى الصَّلاة، ولو كان امتثل وقام لكان أَوْلى، وفيه أنَّ الإنسان جُبِل على الدِّفاع عن نفسه بالقول والفعل، ويحتمل أن يكون عليٌّ امتثل ذلك؛ إذ ليس في القصَّة تصريحٌ بأنَّ عليًّا امتنع، وإنَّما أجاب على(7) ما ذُكر اعتذارًا عن ترك القيام‼ لغلبة النَّوم، ولا يمتنع أنَّه صلَّى عقب هذه المراجعة؛ إذ ليس في الحديث ما ينفيه، وفيه مشروعيَّة التَّذكير للغافل؛ لأنَّ الغفلة من طبع البشر.
          (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) المؤلِّف ☼ : (يُقَالُ: مَا أَتَاكَ لَيْلًا فَهْوَ طَارِقٌ) لاحتياجه إلى دقِّ الباب، وسقط «قال أبو عبد الله...» إلى آخره لغير أبي(8) ذرٍّ (وَيُقَالُ: {الطَّارِقِ}: النَّجْمُ، وَ{الثَّاقِبُ}: المُضِيءُ) لثقبه الظَّلام بضوئه (يُقَالُ: أَثْقِبْ) بكسر القاف وجزم الموحَّدة فعل أمرٍ (نَارَكَ لِلْمُوقِدِ) بكسر القاف: الَّذي يوقد النَّار، يُشير إلى قوله تعالى: {وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ...} إلى آخره[الطارق:1_3] فأقسمَ بـ «السَّماء» لعظَم قدرها في أعين الخلق؛ لكونها معدن الرِّزق، ومسكن الملائكة، وفيها الجنَّة، وبـ {الطَّارِقِ} والمراد جنس النُّجوم، أو جنس الشُّهب الَّتي يُرمى بها؛ لعظم منفعتها، ووُصِفَ بالطَّارق؛ لأنَّه يبدو باللَّيل كما يُقال للآتي ليلًا: طارقٌ.


[1] «وكسر المعجمة»: ليس في (د).
[2] زيد في (د) و(ع): «اخبره».
[3] «☺»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[4] في (د): «عليهما السلام».
[5] زيد في (ع): «له»، وليس في رواية شعيبٍ.
[6] في (ب) و(س): «مُتَّجهًا».
[7] في (د): «عن».
[8] في (ع): «لأبي» والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».