إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عاصم: قلت لأنس: أحرم رسول الله المدينة؟

          7306- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) أبو سلمة التَّبوذكيُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ) بن زيادٍ العبديُّ مولاهم البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ) هو ابن سليمان الأحول (قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ) ☺ : (أَحَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلعم المَدِينَةَ؟) بهمزة الاستفهام (قَالَ: نَعَمْ مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا) وفي حديث عليٍّ السَّابق في «باب فضل المدينة» من «الحجِّ» [خ¦1870] «ما بين عائر إلى كذا»، واتَّفقت روايات البخاريِّ كلُّها على إبهام الثَّاني، وفي «مسلمٍ»: «إلى ثور»، وسبق ما في ذلك من البحث في «فضل المدينة» [خ¦1870] (لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا) زاد أبو داود: «ولا يُنَفَّر صيدُها» (مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا) مخالفًا للشَّرع (فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) والمراد باللَّعن العذاب الذي يستحقُّه، لا كلعن الكافر، وهذا التَّوعُّد وإن كان عامًّا في المدينة وغيرها لكنَّه خصَّ المدينة بالذِّكر لشرفها؛ إذ هي مهبط الوحي، ومنها انتشر الدِّين (قَالَ عَاصِمٌ) أي: ابن سليمان بالسَّند السَّابق: (فَأَخْبَرَنِي) بالإفراد (مُوسَى بْنُ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَوْ آوَى مُحْدِثًا) قال الدَّارقطنيُّ: الصواب(1) عن عاصمٍ(2) عن النَّضر بن أنسٍ، لا عن موسى، قال: والوهم فيه من البخاريِّ أو شيخه، قال عياض: وقد أخرجه مسلمٌ على الصَّواب، قال في «الفتح»: فإن أراد أنَّه قال: عن النَّضر؛ فليس كذلك، فإنَّه إنَّما قال: كما أخرجه عن حامد بن(3) عمر، عن عبد الواحد، عن عاصمٍ، عن ابن أنسٍ، فإن كان عياضٌ أراد أنَّ(4) الإبهام صوابٌ فلا يخفى ما فيه، والذي سمَّاه النَّضر هو مسدَّدٌ عن عبد الواحد، كذا أخرجه في «مسنده» وأبو نُعيمٍ في «المستخرج» من طريقه، وقد رواه عمرو بن أبي قيسٍ عن عاصمٍ، فبيَّن أنَّ بعضه عنده عن أنسٍ نفسه، وبعضه عن النَّضر بن أنسٍ، عن أبيه، أخرجه أبو عَوانة في «مستخرجه» وأبو الشَّيخ في «كتاب التَّرهيب» جميعًا من طريقه عن عاصمٍ عن أنسٍ، قال عاصمٌ: ولم أسمع من أنسٍ: «أو آوى محدثًا»‼ فقلت للنَّضر: أسمعت هذا _يعني القدر الزَّائد_ من أنسٍ؟ قال: لكنِّي سمعته منه أكثر من مئة مرَّة(5).
          والحديث سبق في «الحجِّ» [خ¦1870] في الباب المذكور، وبالله المستعان على الإكمال(6).


[1] زيادة من فتح الباري (13/281).
[2] «عن عاصمٍ»: مثبتٌ من(د) و(س).
[3] في (د): «عن»، وهو تحريفٌ، والمثبت موافق لمسلم وللأصول الخطية للفتح.
[4] «أنَّ»: ليس في (ص) و(ع).
[5] في غير(د) و(س): «كرَّة».
[6] «وبالله المستعان على الكمال»: ليس في (د) و(ع).