الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ساعات الوتر

          ░2▒ (باب: سَاعَات الوِتْر)
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: أي: في أي ساعة يصلَّى الوتر؟ ودلالة الرِّواية على هذا المعنى لورود اللَّيل مطلقًا، ولمَّا ورد أنَّه انتهى وتره إلى السَّحر، ولأمره أبا هريرة أن يوتر قبل النَّوم، فأفاد مجموع الثَّلاثة جواز الوتر أيَّ ساعةٍ شاء مِنَ اللَّيل، غير أنَّا لمَّا أُمِرْنا أن نجعل الوتر آخر ما نصلِّي مِنَ الفرائض لم يَجُز تقديمه على فريضة العشاء. انتهى.
          وفي «هامشه»: قال الحافظ: محصَّل ما ذكره أنَّ اللَّيل كلَّه وقت الوتر، لكن أجمعوا على أنَّ ابتداءه مَغيب الشَّفق بعد صلاة العشاء، لكن أطلق بعضهم أنَّه يدخل بدخول العشاء... إلى آخر ما قال.
          قلت: هاهنا مسألتان ابتداء وقت الوتر وانتهاؤه:
          أمَّا الأولى: ففيه قولان كما قال الحافظ.
          قالَ الموفَّق: وقته ما بين العشاء وطلوع الفجر الثَّاني، فلو أوتر قبل العشاء لم يصحَّ وتره. وقال أبو حنيفة: إنْ صلَّاه قبل العشاء ناسيًا لم يُعِده، وخالفه صاحباه قالا: يعيد، وكذلك قالَ مالكٌ والشَّافعيُّ(1).
          وأمَّا الثَّانية: فعند الحنفيَّة آخر وقته إلى طلوع الفجر، وهو رواية عن الشَّافعيِّ وأحمد، وقال الدَّرْدِير: وقته المختار ينتهي لطلوع الفجر، وضرورية(2) مِنْ طلوع الفجر للصُّبح، أي: لتمامها(3) وهو وجه للشَّافعيَّة والحنابلة. انتهى [مختصرًا].
          ولا يبعد عندي في غرض المصنِّف أنَّ ما ورد في بعض الرِّوايات مِنْ قوله: ((وانتهى وتره إلى السَّحَر حتَّى مات)) كما في رواية لأبي داود، يوهم أنَّ آخر فعله صلعم الوتر في السَّحر فهو ناسخ للأوَّل، فدفعه المصنِّف بأنَّه ليس بنسخ.


[1] المغني لابن قدامة:2/119
[2] في (المطبوع): ((وضروريُّه)).
[3] الشرح الكبير:1/317