التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: رد رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل

          5073- قوله: (رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلعم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ) أي: في التَّبتُّل والانقطاع عن النِّساء وعن الملاذِّ (لَاخْتَصَيْنَا) وكان المناسب أن يقول: لو أذن له لتبتَّلنا (1)، وإنَّما عدل إلى اختصينا إرادةً للمبالغة؛ أي: لو أذن له لبالغنا في التَّبتُّل والانقطاع عن النِّساء وغيرهنَّ من ملاذِّ الدُّنيا، ولاختصينا لدفع شهوة النِّساء ليمكننا التَّبتُّل، وهذا محمول على أنَّهم كانوا يظنُّون جواز الاختصاء بالاجتهاد، ولم يكن هذا الظَّنُّ موافقًا، فإنَّ الاختصاء في الآدميِّ حرامٌ على الإطلاق، وكذا خصاء كلِّ ما لا يُؤكَلُ لحمه، وأمَّا المأكول فيجوز في صغره ويحرم في كبره، يُقَالُ: خصيت الفحل إذا سللت خصيته، واختصيت إذا فعلت ذلك بنفسك، وليس المراد بالاختصاء في الحديث إخراج الخصيتين، لأنَّ ذلك كما قدَّمناه في الآدميِّ حرامٌ لأنَّه غرر في النفس وقطع للنَّسل، وإنما المقصود أن يفعل الرَّجل بنفسه ما يُزِيلُ عنها شهوة النِّساء مِن المعالجة حتَّى يصير كالمختصي.


[1] في الأصل:((لتبتلها)).