التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب نهي رسول الله عن نكاح المتعة آخرًا

          ░31▒ بَابُ نَهْيِ النَّبيِّ صلعم عَنْ نِكَاحِ المُتْعَةِ آخِرًا.
          نكاح المتعة هو المؤقَّت بيوم ونحوه، وفراقها يحصل بانقضاء الأجل من غير طلاق، وإنَّما قال: آخِرًا لما قال العلماء أنَّه أُبِيحَ أوَّلًا ثم نُسِخَ ثمَّ أُبِيحَ ثانيًا ثمَّ نُسِخَ، وانعقد الإجماع على تحريمه.
          قال / النَّوَوِي: الصحيح المختار أنَّ التَّحريم والإباحة كانا مرَّتين، وكانت المتعة حلالًا قبل خيبر ثمَّ حُرِّمَتْ يوم خيبر، ثمَّ أُبِيحَتْ يوم فتح مكة _وهو يوم أوطاس لاتِّصالهما_ ثمَّ حُرِّمَتْ بعد ثلاثة أيَّام تحريمًا مؤبَّدًا إلى يوم القيامة، ولا يجوز أن يُقَالُ إنَّ الإباحة مختصَّة بما قبل خيبر والتَّحريم بيوم خيبر، وأنَّ الَّذي كان يوم الفتح مجرَّد توكيد التَّحريم من غير تقدُّم إباحة يوم الفتح صريحة في ذلك فلا يجوز إسقاطها، ولا مانع يمنع من تكرير الإباحة. قال القاضي عياض: أحاديث إباحة المتعة وردت في أسفارهم في الغزو وعند ضرورتهم وعدم النِّساء، مع أنَّ بلادهم حارَّة وصبرهم عنها قليل، وقد ذكر في حديث ابن عمر أنَّها كانت رخصة في أوَّل الإسلام لمن اضطرَّ إليها كالميتة ونحوها، ثم أجمعوا على أنَّه متى وقع نكاح متعة حُكِمَ بإبطاله سواء كان قبل الدخول أو بعده، وقال زفر: من نكح متعة تأبَّد نكاحه، وكأنَّه جعل ذكر التأجيل من باب الشروط الفاسدة في النِّكاح، فإنَّها تُلغَى ويصحُّ النِّكاح.
          قال القاضي عياض: وأجمعوا على أنَّ من نكح مطلَقًا وفي نيَّته أنَّه لا يمكث إلَّا ثلاثة أيَّام مثلًا فنكاحه صحيح وليس بنكاح متعة، وإنَّما نكاح المتعة ما وقع بالشرط المذكور، وهو أن ينكح الرَّجل المرأة إلى مدَّة فإذا انقضت بانت منه. قال المازري: انعقد الإجماع على تحريم نكاح المتعة، ولم يخالف فيه إلا طائفة يسيرة من المبتدعة، وتعلَّقوا بالأحاديث الواردة في ذلك وقد ثبت نسخها، وأطنب في ذلك في «شرح مسلم» وقال الكِرْمَاني بعدما تقدَّم عن النَّوَوِي من أنَّ التحريم والإباحة كانا مرتين: تطرَّق النَّسخ إليه ثلاث مرَّات.