التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب ضرب الدف في النكاح والوليمة

          ░48▒ بَابُ ضَرْبِ الدُّفِّ فِي النِّكاح وَالوَلِيمَةِ.
          الدفُّ بضم الدال وفتحها، وضربه في العرس والختان والعيد مباحٌ، وأمَّا في غيرهما فأطلق صاحب «المهذَّب» والبغويُّ وغيرهما تحريمه، وقال الإمام والغزالي: هو حلال سواء كان فيه جلاجل أم لا على الأصح، وأخرج البخاريُّ وابن ماجه من حديث محمد بن حاطب يرفعه: ((فصل ما بين الحلال والحرام الضَّرب بالدُّفِّ)) وأخرجه الترمذي، وقال حسن، وصحَّحه ابن حبَّان والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. قال ابن طاهر: والتزم (1) الدَّارقطني مسلمًا إخراجه، قال: وهو صحيح. وعن بريدة أنَّ رسول الله صلعم لمَّا رجع من بعض مغازيه جاءته جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فقالت: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى، فَقَالَ لَهَا: ((إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَأَوْفِ بِنَذْرِكِ)) قال الترمذي: حسن صحيح، ونازعه ابن القطَّان، ورواه ابن حبَّان في «صحيحه» بطريق جيِّد، وفيه: ((فقعد رسول الله وضربت بالدُّفِّ)) وهذه الأّمَةُ هي سديسة (2) مولاة حفصة كما أفاده ابن طاهر في «إيضاحه» (3) وفي البخاري أنَّ عائشة زفَّت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال النَّبيُّ صلعم : ((يا عائشة ما كان معكم من لهو فإنَّ الأنصار يعجبهم اللهو)).
          وفي تحريم اليراع وجهان: صحَّح البغويُّ التَّحريم والغزالي الجواز، وهو أقرب، وليس المراد من اليراع كلَّ قصب، بل المراد الرُّمَّان العراقي. وكلُّ ما يُضرَبُ بالأوتار حرام بلا خلاف، ولا يحرم ضرب الطبول إلا الكوبة (4) وهو طبل متَّسع الطَّرفين ضيِّق الوسط، وهو الذي يعتاد ضربه المخنَّثون، والطُّبول التي تُهيَّأُ لملاعب الصِّبيان إن لم تلحق بالطُّبول الكبار فهي كالدُّفِّ وليست كالكوبة بحال، والضَّرب بالصَّفاقتين (5) حرام، كذا ذكره الشيخ أبو محمَّد الجويني وغيره، لأنَّه من عادة المخنَّثين، وتوقَّف فيه ولده الإمام لأنَّه لم يرد فيه خبر بخلاف الكوبة، وفي تحريم الضَّرب بالقصب على الوسادة وجهان: قطع / العراقيُّون بأنَّه مكروه لا حرام، والرَّقص ليس بحرام. قال الحليمي: إن كان فيه لين وتكسُّر سنُّة أفعال المخنَّثين فحرام على الرِّجال والنِّساء، وما هو من شعار شاربي الخمر وهو مطرب كالطنبور والعود والصنج وسائر المعازف والأوتار يحرم استعماله واستماعه، ذكره النَّوَوِيُّ.


[1] كذا هي في الأصل، ولعل الصواب:((وألزم)).
[2] في الأصل:((سديس)).
[3] في الأصل:((إيضاح)).
[4] في الأصل:((لكونه)).
[5] قال الدكتور عبد العظيم ديب محقق كتاب «نهية المطلب» للجويني عن((الصَّفاقتين)): والمراد التصفيق باليدين، فلم نجد في كتاب «أسماء الملاهي» آلة تُسمَّى الصَّفاقتين.