التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب وفاة النبي صلعم

          ░85▒ (بَابُ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلعم)
          قال النَّووي: ذكروا في وفاته ثلاث روايات:
          إحداها: أنَّه صلعم توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهي أصحُّ الروايات وأشهرها، رواها مسلم مِن رواية أنس وعائشة وابْن عباس ومعاوية.
          والثانية: وهو ابن ستين سنة، وهي مقتصرة على العقود وترك الكسور.
          والثالثة: وهو ابْن خمس وستين، وهي متأوَّلة أيضاً، وأنكر عروة على ابن عباس قوله: خمس وستون، وقال: إنَّه لم يدرك أوَّل النُّبوَّة ولا كثُرتْ صحبته بخلاف الباقين.
          ووُلد صلعم عامَ الفيلِ على الصَّحيح المشهور، وادَّعى القاضي عياض الإجماع عليه.
          واتَّفقوا على أنَّه صلعم أقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين، وبمكَّة قبل النبوَّة أربعين سنة، وإنَّما الخلاف في قدر إقامته بمكَّة بعد النبوَّة وقبل الهجرة، والصَّحيح أنَّه ثلاث عشرة سنة، فيكون عمره ثلاثاً وستين.
          ووُلد يوم الإثنين في أوَّل الربيعين، واختلفوا فيه هل هو ثاني الشهر أمْ ثامنه أم عاشره؟ وتوفي يوم الإثنين ثاني عشر ربيع الأوَّل، ضحى سنة إحدى عشرة مِن الهجرة. انتهى.
          قال السُّهيلي: لا يصحُّ أن تكون وفاته يوم الإثنين إلَّا أن يكون في ثاني الشَّهر أو في ثالث عشره أو رابع عشره أو خامس عشره، لإجماع المسلمين على أنَّ وقفته بعرفة كانت يوم الجمعة وهو تاسع ذي الحجَّة، فدخل ذو الحجَّة يوم الخميس، فكان أوَّل المحرم إمَّا الجمعة وإمَّا السبت؛ فإن كان الجمعة فقد صار صِفراً إمَّا السبت أو الأحد، فإن كان السبت فقد كان أوَّل ربيع إمَّا الأحد أو الإثنين، وعلى هذا لا يكون الثَّاني عشر مِن ربيع الأوَّل الإثنين بوجه. / وذكر ابن الكلبي أنَّه توفي في الثَّاني مِن ربيع الأوَّل. قال الطَّبري: وهذا القول وإن كان خلاف قول الجمهور؛ فإنَّه لا يبعد إنْ كانت الأشهر الثَّلاثة التي قبله كلُّها كانت تسعة وعشرين يوماً. وفيما قاله نظر؛ لمتابعة أنس بن مالك فيما حكاه البيهقي وكذلك المعتمر بن سليمان والواقدي ثلاثتهم لهما على ذلك. وقال الخوارزمي: توفي أوَّل ربيع. قال السُّهيلي: وهذا أقرب في القياس ممَّا ذكره الطَّبري عن ابن الكلبي.
          ودُفن ليلة الأربعاء _وقيل: ليلة الثلاثاء، وقيل: يوم الإثنين_ عند الزوال. قاله الحاكم وصحَّحه.
          وكانت مدَّة مرضه اثني عشر يوماً، وقيل: أربعة عشر، وقيل: ثلاثة عشر، وقيل: عشرة أيام، وابتدأ به المرض في بيت ميمونة بنت الحارث يوم الأربعاء لليلتين بقيتا مِن صفر.
          قال ابن الملقِّن: قال الحاكم: والأثبت عندنا والأصحُّ أنَّه توفي يوم الإثنين حين زاغت الشَّمس منه، ودُفن في تلك الساعة.