التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب غزوة ذات القرد

          ░37▒ (بَابُ غَزوَةِ ذاتِ القَرَدِ) بفتح القاف والرَّاء، ويُقال بضمِّها، وبدال مهملة، وهو ماء في شعب على نحو بريد مِن المدينة، وقيل: على نحو يوم مِن ناحية الشَّام ممَّا يلي بلاد غَطفان، قال ابن الملقِّن: وبفتح القاف والراء ضبطه البَلَاذُري، وقال الحازمي: إنَّه الذي يقوله أصحاب الحديث، وبضمها هو ما حكاه السُّهيلي عن أبي عليٍّ، وربَّما وُجد مضبوطاً بضم القاف وفتح الراء.
          والقَرَدُ في اللُّغة: الصوف الرديء خاصَّة، قال ابن سِيده: وقيل: هو ما يسقط مِن الوبر والصُّوف. وفي «شرح ابن الملقِّن»: أنَّ قَرَد على ليلتين مِن المدينة، بينها وبين خيبر على طريق الشَّام، وهي الغزوة التي أغاروا فيها على لقاح النَّبِي صلعم ، وتُسمَّى غزوة الغاب، وكانت سنة ستٍّ، وانتهى المسلمون في طَلب العدو إلى ذلك الماء، وكان في شعب في آخر النَّهار، وبه باتوا ومنه انصرفوا، فسُمِّيت به الغزوة تأكيداً، وذو قرد مِن ناحية خيبر، وكان أبو ذرٍّ وابنه في اللِّقَاح، فأغارت عليهم غَطفان في أربعين فارساً عليهم عُيينة بن حِصن قبل قصَّة عرينة بستة أشهر، وكانت غزوة ذي قَرَد في ربيع الأوَّل، قال ابن عمر: بعد بني لِحيان بليالٍ، وكذا قال ابن سعد والواقدي: إنَّها في ربيع الأول، وقال القرطبي: إنَّها في جمادى الأولى، وكانت غارتهم ليلة الأربعاء، وقُتل أبو ذرٍّ وآخر مِن غِفار وسَبَوا امرأته، فركبتْ ناقة النَّبِيِّ صلعم ليلاً حين غفلتهم ونذرتْ لَئِن (1) نَجَت لتَنحَرنَّها، فلمَّا قدمتْ على النَّبِي صلعم أخبرته بذلك، فقال: ((لا نذر في معصية، ولا لأحد فيما لا يملكه)) وخرج إليها النَّبِيُّ صلعم في خمس مئة، وقيل: في سبع مئة، واستخلف ابنَ أمِّ مكتوم.
          واللِّقاح بكسر اللام: الإبل، والواحدة اللَّقُوح، وهي الحلوب، وسمِّى في الحديث الواحدة لَقحَة.


[1] في الأصل:((لئن)) غير واضح.