التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب تسمية من سمي من أهل بدر

          ░13▒ (بابُ تَسمِيَةِ مَن سُمِّي مِن أَهلِ بَدرٍ في الجامِعِ)
          قوله: (عُثمَانُ بنُ عَفَّانَ القُرَشِيُّ) كذا ذكره فيمن شهد بدراً ولم يشهدها، وكان تخلَّف على امرأته رقيَّة بنت رسول الله صلعم ، وكان موتها يوم قدم زيد بن حارثة بشيراً بوقعة بدر، هذا هو الصَّحيح في وفاته فيه، وقد روى البخاري في «التاريخ» حديث أنس: ((أنَّ رسول الله صلعم شهدَ دفن بنته رقيَّة، فقعد على قبرها ودَمَعت عيناه، / وقال: أيُّكم لم يُقارف اللَّيلةَ؟ فقال أبو طلحة: أنا، فأمره أن ينزل في قبرها)) ثمَّ أمكن البخاري هذه الرواية وخرَّج الحديث في «صحيحه» عن أنس وقال فيه: ((شهدنا كلُّنا للنبيِّ صلعم)) وذكر الحديثَ، ولم يُسمِّ رقية ولا غيرَها، ورواه الطَّبراني عن أنس وقال فيه: ((شهدنا دفنَ أمِّ كلثوم بنتِ رسول الله صلعم)) وقد عُلم مِن ذلك كلِّه أنَّ مَن قال: (رُقَيَّةَ) فقد وَهِم.
          وعثمان ☺ لما ضرب له النَّبِي صلعم بسهمه عدَّه البخاري فيهم، وكان ينبغي أن يذكر عاصم بن عديٍّ كما نقل ابن إسحاق؛ فإنَّه لم يشهدها وردَّه رسول الله صلعم مِن الروحاء لسبب ذكره موسى بن عقبة وغيره، وهو أنَّه بلغه شيء عَن أهل مسجد الضِّرار، وكان قد استخلفه على قُباء والعالية، فردَّه لينظر في ذلك ويَضرب له بسهمه مع أهل بدر، وعاصم بن عديٍّ هذا هو عاصم المذكور في حديث اللِّعان الذي يقول له عُويمر العَجْلاني: ((سَل لي يا عاصم رسولَ الله عن ذلك)). توفي سنة خمس وأربعين وهو ابن عشرين ومئة، يُكنى أبا عمر، وقيل: أبا عبد الله، وعُويمر هو ابن أبيض، ويُقال فيه: ابن أشقر، قاله في «الرُّوض الأنف».
          وقال المحقِّقون: وَهِم البخاري في قوله: (إِنَّ سَعِيْدَ بْنَ زَيْدٍ حَضَرَ بَدَْرَاً)(1) لما سبق، بلْ خرج مِن المدينة يريد لقاء النَّبِي صلعم فوجدَه منصرفاً مِن بدر، وكذلك وَهِم في خُبيب بن عديٍّ، وقد نبَّهنا على ذلك في مقتله، وأنَّه لم يشهد بدراً، وَلا هو الَّذي قتل الحارث بن عامر، وأنَّ الَّذي حضرها وَقتل الحارثَ خُبيبُ بن يساف الحارثي المَخزومي.
          قال السُّهيلي: وذكر البخاري في البدريين جابرَ بن عبد الله بن عمرو بن حرام، وقال أبو عمر: لا يصحُّ شهوده بدراً، وذكر اختلاف النَّاس فيه.
          قوله: (أَيَاسُ بنُ البُكَيرِ) هو بفتح الهمزة وَكسرها وتخفيف المثناة مِن تحتُ وبسين مهملة، و(البُكَير) بضمِّ الموحَّدة مصغَّر البَكر، ويُقال: ابن أبي البُكير اللَّيثي (2).
          قوله: (حَاطِبُ بنُ أَبي بَلتَعَةَ) هو بحاء وطاء مهملتين وموحَّدة في آخره، و(بَلتَعة) بعين مهملة وموحَّدة في أوَّله ومُثناة مِن فوق مفتوحتين بينهما لام ساكنة، قال السُّهيلي: والبَلتعة في اللُّغة التظرُّف، واسم أبي بلتعة عمرو.
          قوله: (أَبو حُذَيفَةَ بنُ عُتبَةَ بنِ رَبِيعَةَ) اسمُه هشام على الأكثر، وقيل: قيس، وقيل: هُشيم، وذكر الخلاف في اسمه السُّهيلي في «التعريف والأعلام»، لكن لم يذكر القول الأوَّل، واقتصر الكِرْمَاني عَلى الأوَّل والثَّالث، وقال الذَّهبي في «المغني»: أبو حُذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف مهشم، وقيل: هشيم، وتقدَّم ذكر الخلاف في اسمه قريباً في باب شهود الملائكة بدراً.
          قوله: (حَارِثَةُ / بنُ الرُّبيعِ) بحاء مهملة ومثلَّثة، وهو حارثة بن سراقة، و(الرُّبَيع) بضم الرَّاء وفتح الموحَّدة مصغر.
          قوله: (خُبَيبُ بنُ عَدِيٍّ) هو بخاء معجمة مضمومة وباءين موحدتين بينهما مثناة مِن تحت، أُسِر في وقعة الرَّجيع وقُتل بمكة، وتقدَّم أنَّ الَّذي شهدها خبيب بن يساف، ويُقال: ابن أساف.
          قوله: (خُنَيسُ بنُ حُذَافَةَ) هو بخاء معجمة مضمومة، وتقدَّم قريباً الخلاف فِي ذلك، وكان زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب، توفي بالمدينة وَلم يُعقب، وهو بسين مهملة، و(حُذَافَةُ) بضم الحاء المهملة وفتح الذَّال المعجمة.
          قوله: (رِفاعَةُ بنُ عَبدِ المنذِرِ أَبو لُبَابَةَ) قال الدِّمياطي: رِفاعة أخو أبي لبابة بشير، خرج مع رسول الله صلعم إلى بدر، ثم ردَّه وضرَب له بسهمه معَ أصحاب بدر، وشَهد أخواه رِفاعة ومبشِّر بَدراً، وقُتل يومئذ مبشِّر.
          قوله: (أَبو زَيدٍ الأَنصَارِيُّ) قيل: هو سعد بن عبيد بن النُّعمان الأَوسي، مِن بني عمرو بن عوف، بدريٌّ يُعرف بسعد القارئ، استشهد بالقادسية مع سعد بن أبي وقاص سنة خمس عشرة في أوَّل خلافة الفاروق، قال في «أُسد الغابة»: وهو ابن أربع سنين، قال ابن عبد البرِّ: وكونه سعد بن عبيد هو قول أكثر أهل الكوفة، وخالفهم غيرهم فقالوا: هو قيس بن السَّكن الخَزرجي مِن بني عديِّ بن النَّجَّار، قال موسى بن عقبة: استشهد يوم جسر أبي عبيد بالعراق سنة خمس عشرة أيضاً، ونقل الكِرْمَاني عَن يحيى بن معين: أنَّه ثابت بن زيد بن مالك الأَشْهلي، واقتصر في هذا الباب على أنَّ اسمه قيس، وفي «التجريد» للذَّهبي: أبو زيد أَوْسٌ، وقيل: معاذ الأنْصاري الَّذي جمع القرآن.
          قوله: (سَعدُ بنُ مَالِكٍ الزُّهْرِي) هو سعد بن أبي وقاصٍ مالكِ بن أُهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كِلاب الزُّهري، أبو إسحاق، أحد العشرة، أسلم سابع سبعة، وتوفي سنة خمس وخمسين، وقيل: سنة ستٍّ _أو سبع_ وخمسين.
          قوله: (سَعدُ بنُ خَولَةَ) بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو، مِن بني عامر بن لؤي، ماتَ في حجَّة الوَداع.
          قوله: عدَّ ابن الكَلبي وجماعة فيمَن شهد بدراً سعدَ بن عُبادة سيُّد الخزرج، وقال القُتَبِي: إنَّه لم يشهدها؛ لأنَّه نهشته حيَّة، فلمْ يستطع الخروج، ولأجلِ ذلك لم يذكره ابْن إسحاق وَلا ابن عقبة في البدريين، ذكره السُّهيلي في «الرَّوض».
          قوله: (ظَهِيرُ بنُ رافِعٍ) بضمِّ الظَّاء المعجمة المُشالة.
          قوله: (وَأَخُوهُ) هُو مظهر بن رافع عمُّ رافع بن خَديج، قُتل مظهر بخيبر في خلافة عمر، قتله غُلامان له، فأجلى عمر أهل خيبر مِن أجل ذلك، وكَان قُتل (3) بأمرهم، ولم / يشهد مظهر ولا ظهير بدراً، ولكن شهدا (4) أُحداً، وشهد ظهير العقبة الثانية.
          قوله: (عُقبَةُ بنُ عَمرٍو الأَنصَارِيُّ) هو أبو مسعود البَدري، ولم يشهد بدراً، وشهد العقبة مع السَّبعين وكان أصغرَهم، ويُعرف بالبَدري لنزوله ماءَ بدر وموته بها.
          قوله: (عُوَيمُ بنُ سَاعِدَةَ) هو بضم العين المهملة وآخره ميم.
          قوله: (قُدَامَةُ بنُ مَظعُونٍ) هو بضمِّ القاف وفتح الدَّال المهملة، و(مَظْعُوْن) بظاء معجمة.
          قوله: (مُعَاذُ بنُ عَمرِو بنِ الجَمُوحِ) أي: ومُعوِّذ وخَلَّاد أخواه بنو عمرو بن الجَموح، شهدوا بدراً، ومعاذ هو الذي ضَرب ساق أبي جهل فقطعها، وضَربه عكرمة بن أبي جهل فطَرح يده فتعلَّقت بجلدة، ولم يذكر ابن إسحاق معوِّذ، ذكر ذلك كلُّه الدِّمياطي، و(مُعَوِّذ) بِكسر الواو، وكان الوَقَّشِيُّ يأبى إلَّا الفتح، وما ذكره في طرح يده وتعلُّقها بجلدة هو ما ذكره ابن إسحاق بزيادة: ((فلقد قاتلت عامَّة يومي وإني لأَسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي، ثم تمطيت بها حتَّى طرحتها))، قاله القاضي عياض. وزاد ابن وهب في روايته: ((فجاء يحمل يدَه، فبَصق عليها رسول الله صلعم فلصقت)) قال ابْن إسحاق: فعاش إلى زمان عثمان. و(الجَمُوْحُ) بفتح الجيم.
          قوله: (وَقالَ الزُّهرِيُّ عَن عُروَةَ: كانَت عَلى رَأسِ سِتَّةِ أَشهُرٍ مِن (5) وَقعَةِ بَدرٍ قَبلَ أُحُدٍ) وجعله ابن إسحاق بعد بئر معونة وأُحد. انتهى. وعند ابن إسحاق: أنها كانت في ربيع الأوَّل على رأس خمسة أشهر مِن وقعة أُحد، وهو خلاف مَا في «البخاري» عن عروة.
          وقال ابن سعد: خَرج إليهم يوم السَّبت في ربيع الأوَّل على رأس سبعة وثلاثين شهراً مِن مهاجره. وما ذكره مِن قول الزُّهري أسنده (6) الحاكم في «الإكليل» مِن حديث موسى بن المُساور عن عبد الله بن مُعاذ عن معمر عنه به (7).
          قوله: (مِسطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المطَّلِبِ بنِ عَبدِ المطَّلِبِ بنِ عَبدِ مَنَافٍ) ووقع لأبي زيد: <عباد بن عبد المطلب> وصوابه: ابن المطلب، وكذلك في نسخة عن النَّسفي، قاله أبو عليٍّ الغساني، و(مِسْطَحُ) بكسر الميم وإسكان السين وفتح الطاء المهملتين وبالحاء المهملة أيضاً، و(أُثَاثَة) بضم الهمزة وتخفيف المثلثة الأولى، و(عَبَّاد) بفتح العين وتشديد الموحدة.
          قوله: (مُرَارَةُ بنُ الرَّبيعِ الأَنصَارِيُّ وَمَعْنُ بنُ عَدِيٍّ الأَنصَارِيُّ) هما بَلَويان حليفا الأنْصار، وتقدَّم التنبيه على أنَّهما لم يشهدا بدراً، و(مُرَارَة) بضمِّ الميم، وهو أحدُ الثلاثة المتخلِّفين عَن تبوك وتاب الله عليهم.
          قوله: وقع في «مسلم» عن سعد بن عُبادة مِن البصريين (8)، ولم يصحَّ وإن ذكره الواقدي والمدائني وابن / الكلبي منهم، ولم يذكره ابن عقبة وابن إسحاق.
          قوله: (مُعَوِّذُ بنُ عَفرَاءَ وَأَخُوهُ) أي: معاذ بن عَفراء، قال القاضي: وقول البخاري: (مُعوِّذ بن عَفراء وأخوه، مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ أَبُو أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ) قد يشكل على مَن لا معرفة له بالصَّحابة؛ فإنَّ ظاهره يوهم أنَّ مالك بن ربيعة هو أخو مُعوِّذ بن عفراء، وليس كذلك، وإنَّما تمام الكلام عند قوله: (وَأَخُوهُ) ولم يسمِّه، ثمَّ استأنف ذكر اسم آخر ممَّن شهد بدراً فقال: (مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ أَبُو أُسَيْدٍ) ووقع لبعضهم: (((وَأبو أسيد))) بالواو وهو وَهم، و(أَبُو أُسَيْدٍ) اسم مالك، وقيل: هو هلال بن ربيعة.
          قلت: وقد رأيت لبعضهم في قول البخاري: (ظَهِيْرُ بْنُ رَافِعٍ وَأَخُوْهُ) أنَّ أخاه عبد الله، وكأنَّه اشتبه عليه ذلك مِن قول البخاري بعده: (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ) وأخو ظهير إنَّما هو مُظهر بن رافع كما قدَّمناه، والله أعلم.


[1] في الأصل:((بدر)).
[2] في الأصل:((اللتبي)).
[3] في الأصل:((قد)).
[4] في الأصل:((شهد)).
[5] في الأصل:((في)).
[6] في الأصل:((أسند)).
[7] إثبات هذه الفقرة هنا خطأ من الناسخ, ومكانها الصحيح والله أعلم في باب حديث بني النضير الآتي بعد قليل.
[8] كذا, ولعل صوابه: أن سعد بن عبادة من البدريين.