التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي

          ░59▒ (بَابُ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ المُدْلِجِيِّ)
          السَّريَّة قطعةٌ مِن الجيش تخرج تُغِيرُ وتَرجع إليه، وقيل: هي الخيل تبلغ أربعمئةٍ ونحوها، وَسُمِّيَتْ بها لأنَّها تَسْرِي في اللَّيل، أو لأنَّها يخفى ذهابها. وَ(حُذَافَةُ) بحاءٍ مهملةٍ مضمومةٍ ودالٍ معجمةٍ مخفَّفةٍ، وعبد الله هذا بعثه رسول الله صلعم إلى كسرى، ومات في خلافة عثمان بمصر، ومُجَزِّزٌ بضمِّ الميم وفتح الجيم والزَّاي المشدَّدة وكسرها وبزايٍ أخرى، وقال بعضهم: هو بالحاء المهملة والرَّاء المشدَّدة فتحاً وَكسراً ثمَّ بالزَّاي، قال القاضي: والَّذي لكافَّة الرُّواة بالحاء المهملة السَّاكنة وميمٍ مضمومةٍ وراءٍ مكسورةٍ، وكذا قيَّده الحَمَويُّ ابن السَّكن والمُستملي والأَصِيْليُّ وفي نسخةٍ عن النَّسفيِّ، وقيَّده بعضهم عن القَابسيِّ <مُجَزِّزٌ> بجيمٍ وزايين معجمتين الأولى فيهما مكسورةٌ مشدَّدةٌ، وَحُكِيَ فتحها، والكسر هو الصَّواب، وكذا قال عبد الغنيِّ والدَّارقطنيُّ وابن ماكولا، لكنَّا ضبطناه في كتاب شيخنا أبي عليٍّ الصَّدفيِّ في كتاب الدَّارقطنيِّ بفتح الزَّاي الأولى، وضبطه ابن ماكولا بكسرها. وقيل له: مُحَزَّزٌ لأنَّه جزَّ نواصي أسارى العرب، وقال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: علقمة بن مُجَزِّز الأعور ابن جَعْدَةَ الْمُدْلِجِيُّ له صحبةٌ، وذكره الطَّبريُّ في الصَّحابة، وذكره أبو الحسن الدَّارقطنيُّ وعبد الغنيِّ هكذا مُجْزِزٌ بجيمٍ وزايين. قال أبو عليٍّ: وَرُوِّينَاهُ في «الجامع» علقمة بن مُحْرِزٍ بحاءٍ وراءٍ مهملتين ثمَّ زايٍ عن أبي عليِّ بن السَّكن وغيره حيث ترجم البخاريُّ في المغازي فقال: ((بَابُ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ المُدْلِجِيِّ وَيُقَالُ: إِنَّهَا سَرِيَّةُ الأَنْصَارِ)). وابن مجزَّزٍ بعثه عمر بن الخطَّاب ☺ في جيشٍ إلى الحبشة فهلكوا كلهم فرثاه جوَّاسٌ العَذريُّ فقال:
إنَّ السَّلام وحسنَ كلِّ تحيَّةٍ                     تغدو على ابن مُجَزَّزٍ وتروح
          وكانت سريَّة علقمة في ربيعٍ الآخر، وقال الحاكم: في صفر سنة تسعٍ مِن الهجرة، وقال أهل السِّير: / كانت في ربيعٍ الأوَّل منها، وكان معهما ثلاثمئةٍ.