التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب غزوة أحد

          ░17▒ (بابُ غَزوَةِ أُحُدٍ)
          كانت يوم السَّبت لسبع ليال خلون مِن شوال، ويُقال: لإحدى عشرة ليلة خلتْ منه، ويُقال: للنِّصف منه، قال مالك: بعد بدرٍ بسنة، وعنه: كانت عَلى رأس أحدٍ وثلاثين شهراً مِن الهجرة.
          و(أُحُدٌ) جبل بالمدينة، وسُمِّي أُحُدًا (1) لتوحُّده وانقطاعه عن جبال هناك. وبأُحد قبر هارون أخي موسى ♂، وفيه قُبض وواراه موسى ◙ هناك، وكانا قد مرّا عليه حاجِّين أو معتمرين. قال السُّهيلي: رُوي ذلك في حديث أسنده الزُّبَيْر عَن رسول الله صلعم في كتاب «فضائل المدينة» حكاه السُّهيلي في «الروض»، وقيل: كانت على رأس اثنين وثلاثين شهراً مِن الهجرة.
          وأُحُد على أقلَّ مِن فرسخ مِن المدينة، وفي الآثار المسندة: إنَّه يوم القيامة عند باب الجنَّة مِن داخلها، وفي بعضها: إنَّه ركن لبَابها، ذكره ابن سَلَام في «تفسيره»، وفي «المسند» مِن حديث أبي عيسى بن جبير مرفوعاً: إنَّه على باب الجنَّة.
          وخرج رسول الله صلعم إلى أُحد في ألف بعد صلاة الجمعة، فلمَّا كان بمكان يُقال له: الشَّوط، انخزل عنه عبد الله بن أبي بن سلول بثلاث مئة، ويُقال: بل أمرهم رسول الله صلعم بالانْصراف لكفرهم، وقُتل يومئذ مِن المسلمين سبعون منهم حمزة بحَربة وَحشيٍّ، وقيل: خمسة وستون منهم أربعة مهاجرون، وأُصيب رسول الله صلعم وشُجَّ جبينه ودخلت فيه حلقتان مِن المِغْفَر، وكُسرتْ رَبَاعيته اليمنى السُّفلى، رماه عُتْبة بن أبي وقاص، وجَرح شفته السُّفلى عبد الله بن عُمَيرة وقال: / خذها وأنا ابن قَمِئة، فقال له: ((أَقمَأك الله في النَّار)) فكان في غنمه في روحيل (2)، فنَطحه تيس فرماه مِن شاهق الجبل فتقطَّع.
          وذكرَ ابن هشام: أنَّ عبد الله بن شهاب الزُّهريَّ جدَّ محمَّد الزُّهريِّ شجَّ رسول الله صلعم في جبهته، وهو غريب!.
          وكان لواء المسلمين يوم أُحد بيد عليِّ بن أبي طالب، أي لواء المهاجرين، وقيل: بيد مصعب بن عمير، وكان لواء الأوس بيد أُسيد بن حُضير، وكان لواء الخزرج بيد حُبَابُ بن المنذر، وقيل: بيد سعد بن عُبادة.
          قال ابن سعد: وكان مع قريش ثلاثة آلاف رَجل ومئتا فرس، وليس مع المسلمين إلَّا فرس واحد. وقال الواقدي: قوله: (وَقولِهِ تَعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}[آل عمران:121]) أي: تُلزم، يُقال: باء بكذا إذا لَزمه.


[1] في الأصل:((أحد)).
[2] صوابه:(ذروة جبل).