التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب غزوة ذات الرقاع

          ░31▒ (بَاب غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ) أي: بكسر الرَّاء وبالقاف.
          قوله: (وَهِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصفَة (1) مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ) هكذا في نسخة الأَصِيْلي عن أبي أحمد: <محارب حفصة مِن بني ثعلبة> وفي رواية القابسي: <حصفة بني ثعلبة> وكلا المقالتين وَهْمٌ، وصوابه: محارب حصفة وبني ثعلبة مِن غطفان، بواو العطف كما جاء بعد ذلك في حديث بَكْرِ بْنُ سَوَادَةَ، وكَذا ذكر ابن إسحاق عن يونس: ثمَّ غزا نجداً يريد بني محارب وبني ثعلبة مِن غطفان، وذلك أنَّ محارباً هو أبو خصفة، وكلاهما مِن مقيس (2)، ويصحُّحه قولُ بكرٍ: / حدَّثني زياد بن نافع عن أبي موسى، أنَّ جابراً حدَّثهم قال: ((صلَّى بهم رسول الله صلعم يومَ (3) محارب وثعلبة)).
          و(خَصَفَة) بفتح الخاء المعجمة والصَّاد المهملة والفاء، ابن قيس بن غَيْلاَنَ، و(بَنُو ثَعْلَبَة) بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث مِن (4) غطفان.
          قوله: (وَهِيَ بَعدَ خَيبَرَ) لأنَّ أبا موسى جاء بعد خيبر، ثمَّ روى عن جابر: ((أنَّ النَّبِي صلعم صلَّى بأصحابه في الخوف في غزوة السَّابعة غزوة ذات الرقاع)) أي: في غزوة السَّنة السَّابعة؛ فإنَّ ذات الرقاع ليست الغزوة السابعة.
          وقصد البخاري الاستشهاد عَلى أنَّ ذات الرقاع بعد خيبر؛ لأنَّ قدوم أبي موسى كان عام خيبر سنة سبع، وَهو ظاهر على رأيه، فإنَّه يقول: إنَّها بعد خيبر، فَلا إشكال في كونها في السَّنة السابعة، لكن جمهور أهل السِّير (5) خالفوه. وقال الدِّمياطي: حديث أبي موسى يُشكل مع صحَّته، وما ذهب أحد مِن أهل السير إلى أنَّها بعد خيبر.
          وقوله: (مُحَارِبِ خَصَفَةَ) أراد التمييز؛ لأنَّ محارباً في العرب جماعة، وهذا ابٍن خصفة، فأراد تمييزه بأبيه مِن بين أولئك.
          قال ابن سعد: كانت ذات الرِّقاع في المحرَّم على رأس سبع وأربعين شهراً مِن (6) مهاجره ليلةَ السبت لعشر خلون منه في أربع مئة، وقيل: في سبع مئة مِن أصحابه. وعند البَيهقي: أو ثمان مئة.
          وسُمِّيت بذات الرِّقاع؛ لأنهم رفعوا راياتهم، وقيل: لهجرة تُعرف بذات الرِّقاع، وقيل: بجبل أرضه ملونة، وفي «البخاري»: لأنهم لفُّوا عَلى أرجلهم الخِرق لما نُقِبَتْ. وقال الداودي: لأنَّ صلاة الخوف كانت بها، فسُمِّيت بذلك لترقيع الصلاة فيها، وكانت الغزوة لعشر خلون مِن المحرَّم سنة أربع وقيل: سنة خمس، وقيل: في جمادى الأولى سنة أربع، ويقال: بدر الموعد، وقيل: في ربيع الأوَّل.


[1] في الأصل:((خفصة)).
[2] صوابه: قيس.
[3] قوله:((يوم)) ليس في الأصل.
[4] في الأصل تحتمل:((ابن)).
[5] في الأصل:((السيرة)).
[6] في الأصل:((في)).