التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب الصلاة في مسجد السوق

          قوله: (وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون، أبو عون، مولى عبد الله بن المُغَفَّل المزنيِّ، أحد الأعلام، روى عن إبراهيم، وأبي وائل، ومجاهد، وعنه: شعبة، والقطَّان، ومسلم بن إبراهيم، قال هشام بن حسَّان: (لم ترَ عيناي مثل ابن عون)، وثناءُ الناس عليه كثيرٌ، وهو أحد الأعلام، تُوُفِّيَ سنة ░151هـ▒، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة.
          فائدةٌ هي تنبيهٌ: لهم آخَرُ يُقال له: عبد الله بن عون بن أميرِ مِصر أبي عون عبد الملك بن يزيدَ، الهلاليُّ، أبو مُحَمَّد البغداديُّ الخرَّاز الزاهد، يروي عن مالك وشَريك، وروى عنه مسلمٌ، وأبو يعلى، والبغويُّ، ثقةٌ من الأبدال، مات سنة ░232هـ▒، أخرج له مسلمٌ والنَّسائيُّ.
          قوله: (يُغْلَقُ عَلِيهِم البَابُ): (يُغلَق): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(البابُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.
          سؤال: قال ابن المُنَيِّر: (إن قلت: ما مطابقة الترجمة لحديثِ ابن عون: (ولم يصلِّ في سوق) والحديثِ [الآخر] وليس فيه المسجد في السُّوق؟ قلتُ: أراد البخاريُّ إثباتَ جواز بناء المسجد داخل السوق؛ لئلَّا يُتخيَّل أنَّ المسجد في المكان المحجور لا يسوغ(1)، كما أنَّ مسجد الجمعة لا يجوز أن يكون محجورًا، فنبَّه بصلاة ابن عون على أنَّ المسجد الذي صلَّى فيه كان محجورًا، ومع ذلك فله حكم المساجد، ثمَّ خصَّ السُّوق في الترجمة؛ لئلَّا يُتخيَّل أنَّها لمَّا كانت شرَّ البقاع وبها يركُز الشَّيطانُ رايته _كما ورد في الحديث_؛ يمنع ذلك من اتِّخاذ المساجد فيها، وينافي العبادة؛ كما نافتها الطرقات، ومواضع العذاب، والحمَّام، وشِبْهه، فبيَّن بهذا الحديث أنَّها محلٌّ للصَّلاة؛ كالبيوت، فإذا كانت محلًّا للصَّلاة؛ جاز أن يُبنَى فيها المسجد، والله أعلم) انتهى.


[1] في (ب): (يجوز).