التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب كراهية الصلاة في المقابر

          (بَاب كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي المَقَابِرِ)... إلى (بَاب الشِّعْرِ في المَسْجِدِ)
          قوله: (بَاب كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ في المَقَابِرِ): تقدَّم أنَّ (كراهيَة) بتخفيف الياء، وأنَّه يقال فيها: (كَرَاهي)، وقد تقدَّم ذلك قريبًا [خ¦417] وبعيدًا [خ¦3/49-220].
          قال ابن المُنَيِّر: (إنْ قلت: ما وَجْهُ مطابقة التَّرجمة للحديث؟) يعني: حديث: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا»، ثمَّ قال: (قلت: دلَّ الحديث على الفرق بين البيت والقبر، فأمر بالصَّلاة في البيت، وألَّا يُجْعَل كالمقبرة، فأفْهَمَ أنَّ المقبرة ليست محلَّ صلاة، فلهذا أدخل الحديث تحتها، والله أعلم، وفيه نظرٌ من حيث إنَّ المراد بقوله: «وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا»؛ أي: لا تكونوا فيها كالأموات في القبور، وانقطعت عنهم الأعمال وارتفعت التَّكاليف، فهو غيرُ مُتَعَرِّض لصلاة الأحياء في ظواهر المقابر، والله أعلم، [ولهذا قال: «وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا» [ولم يقل: مقابر]؛ لأنَّ القبر هو الحفرة التي يستَقِرُّ فيها الميت، والمقبرة: اسم للمكان المشتمِل على الحفرة وما ضمَّت، والله أعلم](1))، انتهى لفظه.
          وقال ابن قُرقُول: («لا تجعلوا بيوتكم مقابر»: تأوَّله البخاريُّ: لا تجعلوها كالمقابر التي لا تجوز الصَّلاة فيها، ولذلك ترجم عليه: «باب كراهية الصَّلاة في المقابر»، وقال غيره: بل معناه: [اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها قبورًا؛ لأنَّ العبد إذا مات وصار في قبره؛ لم يصلِّ ولم يعمل، وهذا أولى؛ لقوله في الحديث الآخر](2): «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتَّخذوها قبورًا»)، انتهى، وذكر ابن الأثير في «نهايته» القولين في كلام ابن قُرقُول، ورجَّح ما رجَّحه، والله أعلم.


[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).
[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).