التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد

          قوله: (بابٌ: هَل تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي(1) الجَاهِلِيَّةِ وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدَ؟): إنْ قيل: مَا وجه المطابقة بين أحاديث الباب والتَّرجمة؟ والجواب: أنَّ حديث أنسٍ مطابقٌ للتَّرجمة مطابقةً ظاهرةً، وأمَّا ما ذَكَرَه ثانيًا؛ وهو قوله: (وَمَا يُكْرَهُ مِن الصَّلاة في القُبُور) فحديث عائشة مطابقٌ لذلك، والبخاريُّ قدَّم وأخَّر، فذكر أوَّلًا حديث عائشةَ الدَّالَّ على كراهة الصَّلاة في القُبُورِ، وأخَّر حديث أنس الدَّالَّ على نبش قُبُورِ المُشْرِكِين واتِّخاذِ مَكَانِهَا مَسَاجِدَ، وهو لفٌّ ونشرٌّ مشوَّشٌ، وهو نظير قوله تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}[آل عمران:106]، وقال شيخنا عن(2) الشَّيخ قطب الدِّين الحلبيِّ الحافظ في «شرحه»: (إنَّ بعض الفضلاء في الدَّرس قال: إنَّ وجه المناسبة بين قوله: «هَل تُنْبَشُ قُبُورُ المُشْرِكِين، وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدَ(3) ؟» وبين قوله: «لَعن الله اليَهُودَ(4)»: أنَّ البخاريَّ أراد بقوله: «هَل تُنْبَشُ؟» الاستفهامَ، ثُمَّ ذكر حديث أنسٍ بعده، فكأنَّه قال: وَهل يُتَّخَذُ مَكَانُهَا مسجدًا؟ لقوله(5): «لَعن الله اليَهُودَ»؛ فيكون التَّعليل لقوله: «وَيُتَّخَذُ مَكَانُهَا مسجدًا») انتهى.
          قوله: (هَل تُنْبَشُ قُبُورُ؟): (تُنْبَشُ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(قُبُورُ): مرفوع(6) قائم مقام الفاعل.
          قوله(7): (وَيُتَّخَذُ مَكَانُـَهَا مَسَاجِدَُ(8)): (يُتَّخَذُ): مبنيٌّ أيضًا لِمَا لَمْ يُسَمَّ فاعله، و(مَكَانُهَا مَسَاجِدَ) إن رفعت (مَكَانُهَا) كان مقام الفاعل، وإنْ نصبته؛ كان مفعولًا ثانيًا، و(مَسَاجِدُ): قائم مقام الفاعل؛ إنْ رفعتَ، وإنْ نَصبْتَ؛ كان مفعولًا ثانيًا، والله أعلم.
          قوله: (وَمَا يُكْرَهُ): هو مبنيٌّ لِمَا لم يُسَمَّ فاعله.
          قوله: (القَبْرَ القَبْرَ): هما منصوبان على التَّحذير.


[1] (مشركي): سقطت من (ج).
[2] زيد في (ب): (شيخه).
[3] كتب فوقها في (أ) و(ج): (مسجدًا)، وهو كذلك في مصدره بالإفراد.
[4] زيد في (ب): (والنصارى)، وضرب عليها في (أ).
[5] في (ب): (كقوله)، وهو تحريفٌ.
[6] (وقبور: مرفوع): سقط من (ج)، وزيد فيها: (ومكانها مساجدًا).
[7] (قوله): سقطت من (ج).
[8] في (ب): (مسجدًا).