التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به

          قَولُهُ: (مُلتَحِفًا بِهِ): فسَّر البخاريُّ (المُلْتَحِف) بـ(المُتوشِّح) من عند الزُّهْرِيِّ، ثُمَّ قال: (وَهوَ الْمُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ، وَهوَ الاِشْتِمَالُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ)، فالذي يظهر من حيث الصِّيغة أنَّه من قوله: (وَهوَ الْمُخَالِفُ...) من توضيح البخاريِّ، ويحتمل أنْ يكون من تتمَّة كلام الزُّهْرِيِّ، والله أعلم، وقد تقدَّم أنَّ الزُّهْرِيَّ هو محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم المشهور، والتَّوشُّح: أنْ يأخذ طرف الثَّوب الذي ألقاه على مَنْكِبه الأيمن من تحت يده اليسرى، ويأخذ(1) طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى، ثُمَّ يعقدهما على صدره، قال شيخنا: (صرَّح به ابن سيده وغيره، وقال الجوهريُّ: التحفت بالثَّوب: تغطَّيت به).
          [قَولُهُ: (قَالَ: وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ): كذا في أصلنا؛ أي: قال البخاريُّ: وقالت أمُّ هانئ؛ فهو تعليقٌ، وسيأتي بعدَه مُسنَدًا [خ¦357]، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (قال: قالت أمُّ هانئ)، وهو هو، ولا يُتوهَّم أنَّ (قال: قالت أمُّ هانئ) أنَّ الزُّهْرِيَّ رواه عنها، وبيانه: أنَّه وُلِد سنة بضع وخمسين، وأمُّ هانئ تأخَّرت بعد الخمسين، ولم أرَ أحدًا ذكر أنَّه أرسل عنها، والصَّواب: أنَّ (قال _يعني: البخاريَّ_: قالت أمُّ هانئ) تعليقٌ، وسيأتي مُسنَدًا قريبًا كلامُه(2)، والله أعلم، وكذا فعل شيخُنا في «شرحه»](3).
          قَولُهُ: (أُمَّ هَانِئٍ): تقدَّم أنَّها بهمزة في آخرها، وقد تقدَّم الاختلاف في اسمها؛ هل هي فاختة، أو فاطمة، أو هند، أو عاتكة، أو جمانة، أو رملة؛ أقوالٌ [خ¦280]، أسلمتْ يومَ الفتح، وهرب زوجها هُبيرة ابن أبي وهب _واسمه عَمرو المخزوميُّ_ إلى نجران، وهلك على كفره، ولها منه أولاد، قال الذَّهبيُّ: (ولعلَّها تُوُفِّيَتْ بعد الخمسين)، ♦، وهي بنت عمِّ النَّبيِّ صلعم، أخت عليٍّ وإخوتِه من الأبوين، وأولادُ أبي طالب عَبْد مناف أسلموا كلُّهم إلَّا طالبًا، فيُقال: إنَّ الجنَّ اختطفته، وهم: طالبٌ، وعَقيلٌ، وعليٌّ، وجعفرٌ، وأمُّ هانئ، وجمانةُ قسم لها النَّبيُّ صلعم ثلاثين وسقًا من خيبر، وكانت جمانة هذه عند أبي سفيان بن الحارث، وأمُّ طالب يُقال: إنَّ اسمَها ريطة.


[1] في (أ) و(ب): (ويأخذه).
[2] (كلامه): ليس في (ب).
[3] ما بين معقوفين سقط من (ج)، انظر «التوضيح» ░5/287▒.