التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب فضل المشي إلى المسجد في الليلة المظلمة

قوله: (بَابٌ) بغير ترجمة: ذكر فيه حديث أنس ☺: (أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلعم، خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلعم فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ...) الحديث، قال ابن بطَّال كما نقله شيخنا عنه: (إنَّما ذكر البخاريُّ هذا في أحكام المساجد؛ لأنَّ الرجلين كانا مع النَّبيِّ صلعم في موضع جلوسه مع الصَّحابة، فلمَّا كان معه هذان في عِلْمٍ ينشرُه، أو في صلاة؛ فأكرمهما الله تعالى بالنُّور في الدُّنيا ببركة الشَّارع، وفضلِ مسجده، وملازمتهِ، [و]ذلك آية للشَّارع، وكرامة له، وأنَّه خُصَّ في الآيات بما لم يُخصَّ به مَن كان قَبْلَه(1) أن أُعطِي أن يُكْرَم أصحابه بمثل هذا النُّور عند حاجتهم إليه، وذلك من خرق العادات)، قال: (وذكر بعضهم فيما نقله قطب الدين الحلبيُّ في «شرحه»: وتبجَّح به غيرُه أنَّه يَحتمل أن يكون البخاريُّ أراد بذكر هذا الحديث هنا: قولَ الله تعالى: {اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}...، ثمَّ قال في آخرها: {يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء}[النور:35]، وعقَّبها بقوله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ}[النور:36] إلى أن قال: {لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}[النور:38]، فكان هذا من أولئك، فهداهما الله بالنُّور في قلوبهم باطنًا، ورزقهم إيَّاه ظاهرًا في الظلمة(2)، لمَّا(3) أن كانا مِن جملة مَن كان في البيوت التي أذن الله في رفعها؛ جعل لهما من النور بين أيديهما يَستضيئان به في ممشاهما مع قوله: «بَشِّرِ(4) المشَّائينَ في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التامِّ يوم القيامة»، فجعل لهم [منه] معهم في الدُّنيا؛ ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم) انتهى مُلخَّصًا.
          تنبيهٌ: ذكروا في ترجمة حمزة بن عَمرو الأسلميِّ ☺ _ذكره البخاريُّ في «تاريخه» بإسناده_: (عن مُحَمَّد بن حمزة، عن أبيه قال: كنا مع النَّبيِّ صلعم في سفر، فتفرَّقنا في ليلة ظلماء، فأضاءت أصابعي حتَّى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم، وإنَّ أصابعي لتُنيرُ).
          تنبيهٌ آخَرُ: الطفيل بن عمرو الدوسيُّ الذي يقال له(5): ذو النُّور؛ قصَّته معروفة.
          فهؤلاء أربعة، [وذكر ابن عبد البرِّ في «استيعابه» قتادة بن النعمان: (أنَّه ◙ أعطاه عُرْجُونًا، فقال: «إنَّه سيضيء أمامك(6) عشرًا، وخلفك عشرًا»)، انتهى، وعن ابن البارزيِّ في «توثيق عُرى الإيمان»: أنَّه ذَكَر قتادة، وذَكَر النُّور بقصَّةٍ](7).


[1] في (أ) و(ج) و«التوضيح»: (معه)، وكتب في هامشهما: (لعلَّه: قبله)، والمثبت موافق لما في «شرح ابن بطال».
[2] (في الظلمة): سقط من (ب).
[3] في (ب): (كما)، وكذا في مصدره.
[4] في (ب): (فبشر).
[5] (له): مثبت من (ب).
[6] (أمامك): سقط من (ب).
[7] ما بين معقوفين سقط من (ج)، وانظر «توثيق عُرى الإيمان في تفضيل حبيب الرحمن» ░149 أ).