التلقيح لفهم قارئ الصحيح

معلق الليث: فإما لا، فلا يتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر

          2193- قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ...) إلى آخره: هذا تعليقٌ مجزومٌ به، فهو على شرطه، وهو من أفراده، و(أبو الزِّناد): تقدَّم أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبدُ الله بن ذكوان، وتقدَّم مُتَرجَمًا [خ¦162].
          قوله: (عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ(1)): تقدَّم الكلام عليه قريبًا، فانظره [خ¦2191]، وقال الدِّمياطيُّ هنا: (أبو حَثْمة: عبد الله، كان أبو حَثْمة دليلَ النَّبيِّ صلعم إلى أُحُد، وكان يبعثه إلى خيبر هو وأبو بكر وعمرُ وعثمانُ فيخرص الثِّمار، وأمَّا سهلٌ؛ فإنَّه صحابيٌّ تُوفِّيَ النَّبيُّ صلعم وهو ابن(2) ثماني سنين، وقد حفظ عنه) انتهى، وقد بقي عليه قول آخر في اسم (أبي حَثْمة): أنَّه عامر بن ساعدة الأوسيُّ الحارثيُّ، أحُدِيٌّ.
          وفي الصحابة آخرُ يقال له: (أبو حَثْمة): ابن حذيفة بن غانم القرشيُّ العدويُّ، والدُ سليمان، وأخو أبي الجَهْم، له رؤية بلا رواية.
          وأمَّا (سهل)؛ فقد تقدَّم الكلامُ عليه قريبًا، وتغليطُ الواقديِّ في مولده؛ فانظره قريبًا [خ¦2191].
          قوله: (فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ): أي قطعوا ثمارهم، والجِداد والجَداد _بالفتح والكسر_: قطعُ الثِّمار.
          قوله: (أَصَابَ الثَّمَرَ الدُّمَانُ): (الثَّمرَ): منصوب مفعول، و(الدُّمَانُ): مرفوع فاعل، وهو بضمِّ الدَّال المهملة، ثمَّ ميم مخفَّفة، وفي آخره نون، قال ابن قرقول: (بضمِّ الدَّال، وتخفيف الميم، رويناه من طريق القابسيِّ وغيره، وعند السرخسيِّ: بفتح الدَّال، ورواه بعضهم: بكسرها، وبالفتح ذكره أبو عُبيد، وبالوجهين قرأناه على ابن سراج، وذكره الخطَّابيُّ بالضَّمِّ، وصوَّبه بعضهم، لغتان؛ ومعناه: فسادُ الطَّلْع وتعفينه وسواده، وفي رواية ابن داسة: «الدَّمار»؛ بالرَّاء، كأنَّه ذهب إلى الفساد المُذهِب له المُهلِك لجميعه، قال القاضي أبو الفضل: «وهذا تصحيف»، وقال الأصمعيُّ: [الدُّمال]: الثَّمر المُتعفِّن، بالدَّال والميم واللَّام في آخره، وحكى أبو عبيد فيه عن ابن أبي الزِّناد «الأَدَمَان»؛ بفتح الهمزة وفتح الدَّال، والصَّحيح: «الدُِّمان»؛ بضمِّ الدَّال وفتحها، كذا قيَّدهما الجيَّانيُّ عن أبي مروان، وقيَّدناه عن ابنه كذلك)، انتهى.
          وفي «النهاية»: (هو بالفتح، وتخفيف الميم: فساد الثَّمر(3) وعَفَنه قبل إدراكه حتَّى يسودَّ، من «الدِّمْنِ»؛ وهو السِّرْقين، ويقال: إذا أَطْلَعَتِ(4) النَّخلةُ عن عَفَنٍ وسوادٍ؛ قيل: أصابها الدَّمَان، ويقال: الدَّمال؛ باللَّام أيضًا بمعناه، كذا قيَّده الجوهريُّ وغيرُه بالفتح، والذي جاء في «غريب الخطَّابيِّ» بالضَّمِّ، وكأنَّه أشبه؛ لأنَّ ما كان من الأدواء والعاهات؛ فهو بالضَّمِّ؛ كالسُّعال، والنُّحاز(5)، والزُّكام، وقد جاء في هذا الحديث: «القُشَام» و«المُرَاض»، وهما من آفات الثمرة، ولا خلاف في ضمِّهما، وقيل: هما لغتان، قال الخطَّابيُّ: ويُروَى(6): «الدَّمار»؛ بالرَّاء، ولا معنى له) انتهى.
          قوله: (أَصَابَهُ مُرَاضٌ): هو بضمِّ الميم، وتخفيف الرَّاء، وبالضَّاد المعجمة في آخره، قال في «النهاية»: (هو بالضَّمِّ: داءٌ يقع في الثَّمرة فتَهلِك، وقد أَمْرضَ الرَّجلُ؛ إذا وقع في ماله العاهة(7)) انتهى، وقد حكى شيخنا الشَّارح كسر الميم، فقال: (المُراض؛ بضمِّ الميم، وحُكِي كسرها).
          قوله: (أَصَابَهُ قُشَامٌ): هو بضمِّ القاف، وتخفيف الشِّين المعجمة، وفي آخره ميم، قال في «المطالع»: (هو أنْ يَنْتَفِضَ(8) فيَسْقُط، وهو بُسر قبل أنْ يكون بَلَحًا، قاله الأصمعيُّ، وقال غيره: القُشَام: أُكَالٌ(9) يقع في الثَّمر)، انتهى.
          قوله: (فَإِمَّا لَا): (إِمَّا): بكسر الهمزة، وتشديد الميم، و(لا)؛ بالإمالة، وقد قيَّدَ الهمزة بالكسر وصَوَّبَه ابنُ الجواليقيِّ، قال الدِّمياطيُّ: (قال سيبويه في «إمَّا لي»: كأنَّه يقول: افعلْ هذا إنْ كنت لا تفعلُ غيرَه، وإنَّما هي «لا» أُميلَت في هذا الموضع؛ لأنَّها جُعِلت مع ما قبلها كالشيء الواحد، فصارت كأنَّها ألفٌ رابعةٌ، فأُميلَت لذلك، وعلى الإمالة كُتِبت بالياء)، انتهى.
          وقد ذكر هذه اللَّفظة غير واحد، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (هو بكسر الهمزة، وفتح اللَّام، وبالإمالة الخفيفة هذا هو الصَّواب المشهور(10)، وقال القاضي: ضبطه الطَّبريُّ والأصيليُّ(11): «إمَّا لِي»؛ بكسر اللَّام، قال: والمعروف في كلام العرب فتحُها إلَّا أنْ تكون على لغة مَن يُميل، قال المازريُّ: قال ابن الأنباريِّ: قولهم: «افعل هذا إمَّا لي»؛ معناه: افعلْه إنْ كنت لا تفعلُ غيره، فدخلت «ما» زائدة لـ«إنْ»(12)، كما قال تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا}[مريم:26]، فاكتفوا بـ«لا» عن الفعل، كما تقول العرب: «إنْ زارك؛ فزره، وإلَّا؛ فلا»، هذا ما نقله القاضي، وقال ابن الأثير في «نهايته»: [أصل] هذه الكلمة: «إنْ» و«ما»، فأُدغِمت النُّون في الميم، و«ما» زائدة في اللَّفظ لا حكم لها، وقد أمالت العرب «لا» إمالة خفيفة، قال: والعوامُّ يُشبِعون إمالتها، فتصير ألفُها ياءً، وهو خطأٌ؛ ومعناه: إنْ لم تفعل هذا؛ فليكن هذا، والله أعلم)، انتهى.
          وقال في «الصِّحاح»: (وقولهم: «إمَّا لي فافعل كذا»؛ بالإمالة، أصله: «إنْ لا»، و«ما» صلة؛ ومعناه: إنْ لا [يكنْ] ذلك الأمر؛ فافعل كذا).
          قوله: (كَالْمَشُورَةِ): هي(13) بفتح الميم وضمِّ الشِّين، وبفتح الميم أيضًا وإسكان الشِّين، حكاهما غير واحد؛ منهم الجوهريُّ، وقدَّم الثانية.
          قوله: (وَأَخْبَرَنِي(14) خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ(15)): قائل هذا الكلام: هو أبو الزِّناد؛ وهو عبدُ الله بن ذكوان، المذكورُ في السند. /
          قوله: (حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا): هو النَّجم المعروف.
          فائدة: ذكر القاضي عياض في «الشفا»: (أنَّه ╕ كان يَرى في الثريا أحدَ عشرَ نجمًا)، وذكر السُّهيليُّ: أنَّه ╕ كان يرى فيها اثني عشر نجمًا، قال القرطبيُّ في «أسماء النَّبيِّ صلعم وصفاته»: إنَّها لا تزيد على تسعة أنجم فيما يذكرون، ونُظِم كلام القاضي عياض في رَجَزٍ، فقال ناظمه(16) [من الرجز]:
وَهُوَ الَّذِي يَرَى النُّجُومَ الخَافِيَةْ(17)                      مُبَيَّنَاتٍ فِي السَّمَاءِ العَالِيَةْ
أَحَدَ عَشْرَ نَجْمًا الثُّريَّا                     لِنَاظِرٍ سِوَاهُ مَا تَهَيَّا
          ذكر ذلك شيخنا في «خصائص النَّبيِّ صلعم» فيما قرأته عليه.
          قوله: (رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ): قال الدِّمياطيُّ: (ابن برِّيٍّ، أبو الحسن البغداديُّ، روى عنه أبو داود) انتهى، روى لعليٍّ المذكور أيضًا التِّرمذيُّ مع أبي داود، ولكنْ أبو داود أخذ عنه نفسِه، والتِّرمذيُّ عن رجلٍ عنه، روى عليُّ بن بحر عنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وجَرِيرِ بن عبد الحَميد، وعيسى بن يونس، وأبي خالدٍ الأحمرِ، وهشامِ بنِ يوسفَ، وعبدِ الرزَّاق، وطبقتِهم، وعنه: البخاريُّ تعليقًا، وأبو داود، وأحمدُ ابن حنبل، والذُّهليُّ مُحَمَّدُ بن يحيى، وأبو حاتم، وخلقٌ، قال مُهنَّأ الشَّاميُّ: (سألت أحمد ابن حنبل عن عليِّ بن بحر يكون بالكرخ، فقال: لا بأس به، ثقة، قلت: من أين هو؟ قال: من الأهواز)، وقال ابنُ مَعِين وجماعةٌ: (ثقة)، مات بالبصرة سنة ░234هـ▒.
          وهذا الظَّاهر من عبارتهم أنَّه شيخ البخاريِّ، وإذا كان كذلك؛ فقوله: (رواه عليُّ بن بحر) مثل قوله: (قال) و: (زاد)، فيكون متَّصلًا مسندًا، وإذا كان كذلك؛ فله حكم أمثاله، والله أعلم، وقد أخرجه أبو داود من طريقِ يونسَ بنِ يزيدَ عن أبي الزِّناد به.
          قوله: (حَدَّثَنَا حَكَّامٌ): هو بفتح الحاء المهملة، وتشديد الكاف، هو حَكَّام بن سَلْم الكِنانيُّ الرازيُّ، عن حُمَيدٍ وإسماعيلَ بنِ أبي خالد، وعنه: أبو كُرَيب والزعفرانيُّ، ثقةٌ، حدَّث ببغداد، تُوفِّيَ سنة ░190هـ▒، أخرج له مسلمٌ، والأربعةُ، والبخاريُّ تعليقًا، قال ابنُ مَعِين وأبو حاتم: (ثقة)، وهو فردٌ؛ ليس في الكتب السِّتَّة (حَكَّام) سواه.
          قوله: (حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ): هذا هو عنبسة بن سعيد بن الضُّرَيس، أبو بكرٍ الأسَديُّ الكوفيُّ، ثمَّ الرازيُّ، قاضي الرَّيِّ، عن سِمَاك بن حرب، وعمَّار الدُّهنيِّ(18)، وزُبَيدٍ الياميِّ، وحَبِيبِ بن أبي عَمْرة، وطائفةٍ، وعنه: جَرِيرٌ، وابنُ المبارك، وحَكَّام بن سَلْم، وآخرون، وثَّقه أحمدُ وابنُ مَعِين، وقال أبو حاتم: (ثقة، لا بأسَ به)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وقد ذُكِر في «الميزان» تمييزًا.
          قوله: (عَنْ زَكَرِيَّاءَ): هو ابن خالد، كذا قال المِزِّيُّ في «أطرافه»، وابن خالد روى عن الزُّهريِّ وأبي الزِّناد، وعنه: عَنْبَسة بن سعيد، علَّق له البخاريُّ، ولم يروِ له أحدٌ من أصحاب الكتب سواه، قال في «الكاشف»: (وُثِّق)، ولم يذكُرْ في «التذهيب» توثيقَه، وقد رأيتُه أنا في «ثقات ابن حِبَّان».
          وفي أصلنا حاشية تحت (زكرياء)، ولفظها: (ابن أبي زائدة)، وابنُ أبي زائدة: الهمْدانيُّ الوادعيُّ الحافظ، عن: الشَّعبيِّ وسِمَاك، وعنه: القطَّانُ وأبو نُعَيم، ثقةٌ، يُدلِّس عن الشَّعبيِّ، تُوفِّيَ سنة ░149هـ▒، أخرج له الجماعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، وما أدري من أين أخذ(19) كاتبُ الحاشيةِ هذا، ثمَّ ظهر لي أنَّه أخذها من الدِّمياطيِّ؛ وذلك لأنِّي راجعتُ كلامَ شيخِنا _وقد ذكرت لك قبل ذلك أنَّ شيخَنا يأخذُ حواشيَ الدِّمياطيِّ يجعلها في «شرحه» أو غالبَها_؛ فرأيتُ(20) شيخَنا قال: (إنَّ زكريَّاء: هو ابن أبي زائدة)، فعلمتُ أنَّهما أخذاه من الدِّمياطيِّ، والله أعلم، وإنْ كان زكريَّا بن أبي زائدة اسم أبيه خالد بن ميمون؛ فالمشهور فيه: ابن أبي زائدة، وابنُ أبي زائدة هو غيرُ زكريَّاء بن خالد هذا المذكور هنا، والله أعلم، وقد ذكرتُ لك أنَّ المِزِّيَّ قاله: (إنَّه(21) ابنُ خالد)، وذَكَرَه في «تهذيبه»، وأنَّه روى عنه عَنْبَسة، وروى هو عن أبي الزِّناد، رقم عليه (خت) إشارةً إلى هذا، والله أعلم، وذَكَر(22) بعدَه ابنُ أبي زائدة.
          قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتقدَّم مُتَرجَمًا [خ¦162].
          قوله: (عَنْ سَهْلٍ): هو ابن أبي حَثْمة، تقدَّم مُتَرجَمًا قريبًا [خ¦2191]، وكذا قوله: (عَنْ زَيْدٍ): هو ابنُ ثابتٍ، والله أعلم.


[1] في (ب): (حيثمة).
[2] (ابن): سقط من (أ).
[3] في (ب): (التمر)، وهو تصحيفٌ.
[4] في (ج): (طلعت)، وكذا في مصدره.
[5] في (ب) و(ج): (والبخار)، وهو تصحيف.
[6] (ويروى): سقط من (ب).
[7] في (ب): (عاهة).
[8] في (ج): (ينتقص).
[9] في (ب): (إكمال)، وهو تحريفٌ.
[10] (المشهور): سقط من (ب).
[11] في (ب): (ضبطه الأصيلي والطَّبري).
[12] في (ب): (لأنها)، وهو تحريفٌ.
[13] (هي): ليس في (ب) و(ج).
[14] في (ج): (فأخبر).
[15] (أنَّ زيد بن ثابت): سقط من (ب).
[16] زيد في (ب): (قوله).
[17] في (ب): (الجافية)، وهو تصحيفٌ، وزيد فيها: (قوله).
[18] في (ب): (الدهن)، وهو تحريفٌ.
[19] (أخذ): سقط من (ب).
[20] في (ب): (وأن).
[21] (إنَّه): ليس في (ب).
[22] في (ب): (وذكرت).