التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع

          (بَابُ مَنْ أَجْرَى أَمْرَ الأَمْصَارِ عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ)... إلى (كِتَاب السَّلَمِ)
          قال ابن المُنَيِّر بعد أن ساق ما في الباب: (مقصوده بهذه الترجمة إثباتُ الاعتماد على العُرْف، وأنَّه يُقضَى به على ظواهر الألفاظ، ويُرَدُّ إلى ما خالَفَ الظَّاهرَ من العُرْف، ولهذا ساق: «لا بأس العشرة بأحد عشر»؛ أي: لا بأس أن يبيعه سلعةً مرابحةً للعشرة أحد عشر، فتكون الجملة أحدًا وعشرين، ولكنَّ العُرفَ فيه أنَّ للعشرة واحدًا ربحًا، فيُقضى بالعُرف على اللَّفظ، وإذا صحَّ الاعتماد على العُرف معارضًا بالظَّاهر؛ فالاعتماد عليه مُطلَقًا أولى، ووجه دخول حديث أبي طيبة في الترجمة: أنَّه ╕ لم يشارطْه؛ اعتمادًا على العُرف في مثله)، انتهى.
          قوله في الترجمة: (أَمْرَ الأَنصَارِ): كذا في أصلنا الذي سمعت فيه على العراقيِّ الحافظ، والذي أحفظه ورأيته في النُّسخ: (الأمصار)؛ بالميم، جمع (مِصر)، وقد رأيته كذلك _أعني: كما في النُّسخ(1)_ في أصلنا الدمشقيِّ، وكذا(2) في نسخة، وعلَّم عليه علامة الفربريِّ، وعمل في الهامش: (الأنصار)، وعمل(3) عليه علامة اصطلاحًا له، ومعنى العلامة: أنَّ ثلاثَ نسخٍ خالفت نسخة الفربريِّ.
          قوله: (وَقَالَ شُرَيْحٌ): هو بالشِّين المعجمة، وفي آخره حاء مهملة، تقدَّم أنَّه ابنُ الحارث القاضي، أحدُ الأعلام، تقدَّم.
          قوله: (سُنَّتُـَكُمْ بَيْنَكُمْ): يجوز في (سنَّتكم) النَّصب والرفع، وإعرابهما ظاهر.
          قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ): أمَّا (عبد الوهَّاب)؛ هو ابن عبد المجيد بن الصَّلت الثَّقفيُّ، تقدَّم مرارًا ومرَّةً مُتَرجَمًا [خ¦456]، و(أيُّوب): هو ابن أبي تيمية السَّخْتِيانيُّ، و(مُحَمَّد): هو ابنُ سيرين، والله أعلم.
          قوله: (لَا بَأْسَ الْعَشَرَةُ بِأَحَدَ عَشَرَ): أي: لا بأس أن تبيع(4) السلعة إذا كان ثمنها عشرة بأحد عشر، وقد تقدَّم أعلاه(5) في كلام ابن المُنَيِّر.
          قوله: (وَيَأْخُذُ لِلنَّفَقَةِ رِبْحًا): قال شيخنا: (واختلفوا في النفقة، هل يأخذ لها ربحًا في بيع المرابحة؟ فقال مالك: لا، إلَّا فيما له تأثيرٌ في السِّلعة، وعينٌ قائمةٌ؛ كالصِّبغ، والخياطة، والكِماد، فهذا كلُّه يُحسَب كلُّه في أصل المال، ويُحسَب له الرِّبح؛ لأنَّ تلك(6) المنافع كلَّها سلعةٌ ضُمَّت إلى سلعته، قال مالك: ولا يُحسَب في المرابحة أجْرُ السِّمسار، ولا الشدُّ، ولا الطَّيُّ، ولا النَّفقةُ على الرَّقيق، ولا كراءُ البيت، وإنَّما يُحسَب هذا في أصل المال، وما يُحسَب(7) له ربحٌ، وأمَّا كراء البزِّ؛ فيُحسَب له الربحُ؛ لأنَّه لا بدَّ منه، ولا يمكنه حملُه بيده من بلد إلى بلد)، وكلام الشَّافعيَّة في ذلك معروف، وكذا كلام غيرهم، وإنَّما ذكرت ذلك(8)؛ ليُعرَف قوله: (ويأخذ للنفقة ربحًا) ما المراد بـ(النَّفقة)، والله أعلم.
          قوله: (وَقَالَ لِهِنْدٍ): هي هند(9) بنت عُتْبة بن ربيعة، زوجُ أبي سفيان، من مسلمة الفتح، أقرَّهما ╕ على نكاحهما، وكانت امرأةً فيها ذكرة، لها نفس وأَنَفَة، شهدت أحُدًا كافرةً مع زوجها، فلمَّا قُتِل حمزةُ رحمة الله عليه؛ وَثَبَتْ عليه، وشقَّتْ بطنَه، واستخرجَتْ كبدَه، فشوت منه وأكلت فيما يُقال؛ لأنَّه كان قَتَل أباها يوم بدر، وقد قيل: إنَّ الذي مثَّل بحمزة معاويةُ بن المغيرة بن أبي العاصي بن أميَّة، وقتله النَّبيُّ صلعم صبرًا مُنصرَفه من أحُد، ثمَّ خُتِم لها بالإسلام فأسلمت يوم الفتح، فلمَّا أخذ رسول الله صلعم البيعة على النساء، ومن الشرط فيها: ألَّا يسرقنَ، ولا يزنينَ؛ قالت له هندٌ: وهل تزني الحُرَّة أو تسرق يا رسول الله؟! قال: «ولا يقتلنَ أولادهنَّ»، قالت: قد ربَّيناهم صغارًا، وقتلتَهم أنت ببدر كبارًا(10)، أو نحو هذا من القول، ترجمتُها معروفةٌ، ♦، تُوفِّيَت في خلافة عمر ☺ في اليوم الذي مات فيه أبو قحافة والد أبي بكر سنة أربعَ عشرةَ، والله أعلم، ويقال(11): حضرت اليرموكَ مع زوجها، واليرموك سنة ░15هـ▒ في خلافة عمر ☺.
          قوله: (وَاكْتَرَى الْحَسَنُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مِرْدَاسٍ): أمَّا (الحسن)، فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالمُ المشهورُ، وأمَّا (عبد الله بن مرداس)؛ فلعلَّه المحاربيُّ، يروي عنِ ابنِ مسعودٍ، روى عنه أهلُ الكوفة، ذكره ابنُ حِبَّان في «ثقاته»(12)، فإن لم يكن هو؛ فلا أعرفه، والله أعلم.
          قوله: (بِدَانَـِقَيْنِ): الدَّانق؛ بفتح النُّون وكسرها: سدس الدِّرهم.
          قوله: (الْحِمَارَ الْحِمَارَ): هما منصوبان، ونصبهما معروف؛ أي: أحضرِ الحمارَ أو أعطِني(13) الحمارَ.


[1] في (أ): (في أصلنا)، وسقط من (ب) و(ج)، والمثبت موافق لحاشية في هامش (ق) بخطِّ المؤلِّف، وحاشية نُقِلت عنه في هامش (ي)، وبه يستقيم الكلام.
[2] زيد في (ب): (في أصلنا)، ولعلَّه تكرارٌ.
[3] في (ب): (وعلم).
[4] في (ب): (يبيع).
[5] في (ب): (بظاهرها).
[6] في النسخ: (ملك)، وهي محتملة في (أ)، والمثبت من مصدره.
[7] في (أ) و(ب): (يحب)، وفي (ج): (يجب)، وكلاهما تحريف، والمثبت من مصدره، و(ما) قبله نافية.
[8] في (ج): (لك).
[9] (هند): سقط من (ب).
[10] في (ب): (كفارًا).
[11] (يقال): ليس في (ب) و(ج).
[12] في (ب): (الثقات)، «الثقات» ░5/24▒.
[13] في (ب) و(ج): (أعطي)، ولا يصحُّ.