التوضيح لشرح الجامع البخاري

حديث: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر

          ثمَّ ساقَ البخاريُّ ☼ حديثين: أوَّلهما حديثُ عائشةَ:
          334- (قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي...) الحديثَ بطولِه، وفيه: (فَأَنْزَلَ اللهُ / آيَةَ التَّيَمُّمِ).
          وهو حديثٌ عظيمٌ أخرجَه البخاريُّ في أربعةِ مواضعَ أُخر: في التَّفسير [خ¦4583]، وفضائل أبي بَكْرٍ [خ¦3672]، والنِّكاح [خ¦5164]، والمحاربين [خ¦6844] [خ¦6845].
          وأخرجه مسلمٌ في الطَّهارةِ وعندَه: ((فَأَرْسَل نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ في طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ فَصَلَّوا بِغَيْرِ وُضُوْءٍ، فَلَمَّا أَتَوا رَسُولَ اللهِ صلعم شَكَوا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ))، وللنَّسَائِيِّ: ((سَقَطَتْ لِي قِلَادَةٌ بِالبَيْدَاءَ وَنَحْنُ دَاخِلُوْنَ المَدِيْنَةَ))، وفي روايةٍ له: ((عَرَّسَ ◙ بِأُولَاتِ الجَيْشِ. قال عَمَّارٌ: فَانقَطَعَ عِقْدُ عَائِشَةَ)).
          وعند أبي داودَ: ((بَعَثَ أُسَيْدَ بنَ حُضَيْرٍ وَأُنَاسًا مَعَهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةَ، فَصَلَّوا بِغَيْرِ وُضُوْءٍ))، قال أبو داودَ في «كتابِ التَّفَرُّدِ» الَّذي تَفَرَّدَ به مِنْ هذا الحديثِ: أنَّهم لم يتركوا الصَّلاةَ حين لم يجدُوا الماءَ، فصلَّوا بغيرِ وضوءٍ؛ لأنَّ بعض النَّاس يقول: إذا لم يجدِ الماءَ لا يُصَلِّي.
          وعند التِّرْمِذِيِّ مِنْ طريق هِشَامٍ عن أبيه عن عائشةَ: أنَّ قِلَادَتَها سَقَطَتْ ليلةَ الأبواءِ، يعني في صَفَرٍ سنة اثنتين مِنَ الهجرة، ولابنِ مَاجَهْ مِنْ حديث عَمَّارٍ قالَ: ((فَانطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ لَمَّا نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ، فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ)).
          ولأبي مُحَمَّدٍ إِسْحَاقَ بنِ إبراهيمَ البُسْتِيِّ في «تفسيره» مِنْ حديث ابنِ أبي مُلَيْكَةَ عنها أنَّ القائلَ له: ((مَا كَانَ أَعْظَمَ بَرَكَةَ قِلَادَتَكِ)) رسولُ اللهِ صلعم.
          وللطَّبَرَانِيِّ مِنْ حديث الزُّبَيْرِ عن عائشةَ قالت: ((لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عِقْدِي مَا كَانَ، وَقَالَ أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم في غَزْوَةٍ أُخْرَى، فَسَقَطَ أيضًا عِقْدِي حَتَّى حُبِسَ النَّاسُ عَلَى التِمَاسِهِ وَطَلَعَ الفَجْرُ، فَلَقِيْتُ مِنْ أبي بَكْرٍ مَا شَاءَ اللهُ، وَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ، فِي كُلِّ سَفَرٍ تَكُونِينَ عَنَاءً وَبَلَاءً، لَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى الرُّخْصَةَ في التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكِ مَا عَلِمْتُ لَمُبَارَكَةٌ)).
          وفي بعضِ ألفاظِ «الصَّحيحِ»: أنَّه ضَاعَ عقدُها في غزوةِ المُرَيسِيعِ الَّتي كانَ فيها قِصَّةُ الإفكِ، وقال أبو عُبَيْدٍ البَكْرِيُّ: وفي حديث الإفك: ((فَانقَطَعَ عِقْدٌ لَهَا مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ، فحَبَسَ النَّاسَ ابتِغَاؤُهُ)).
          قال ابنُ سَعْدٍ: خرجَ رسولُ اللهِ صلعم إلى المُرَيسِيعِ يومَ الاثنين لليلتين خلتا مِنْ شعبانَ سنةَ خمسٍ، ورجَّحَه الحاكمُ في «إكليلِه»، وقالَ البخاريُّ عَنِ ابنِ إِسْحَاقَ: سنةَ ستٍّ، وروى يُونُسُ عنه في «مغازيه» أنَّ ذلك في شعبانَ، قالَ البخاريُّ: وقالَ مُوسَى بنُ عُقْبَةَ: سنةَ أربعٍ.
          إذا عَرَفتَ ذلك فلنتكلَّم عليه مِنْ وجوهٍ:
          أحدها: أجمعَ أهلُ السِّيرِ أنَّ قصَّةَ الإفكِ كانت في غزوةِ المُرَيسِيع، وهي غزوةُ بني المُصطَلِقِ، وفي «الصَّحيحِ» أنَّه ضاعَ عِقدُها في هذه الغزوةِ كما سلفَ، وقد اختُلِفَ في تاريخِ خروجِه ◙ إلى هذه الغزوةِ على أقوالٍ ثلاثٍ: سنةَ أربعٍ، خمسٍ، ستٍّ، وقد حكيناها لك آنفًا.
          ثمَّ اختلفوا متى فُرِضَ التَّيَمُّمُ؟ على قولين:
          أحدُهما: في المُرَيسِيعِ سنةَ ستٍّ قاله ابنُ التِّينِ وابنُ بَزِيزَةَ في «شرحِ الأحكامِ الصُّغرى».
          ثانيهما: سنةَ أربعٍ، قال ابنُ الجَوْزِيِّ: زعمَ ابنُ حَبِيْبٍ أنَّ عِقدَها سَقَطَ في الرَّابعةِ في غزوةِ ذاتِ الرِّقَاعِ، وفي غزوة بني المُصْطَلِقِ سنةَ ستٍّ قصَّة الإفكِ، قُلْتُ: يَرُدُّ هذا روايةَ الطَّبَرَانِيِّ السَّالفةَ أنَّ الإفكَ قَبْلَ التَّيَمُّمِ.
          ثانيها: (البَيْدَاءِ) الشَّرَفُ الَّذي قُدَّام ذِي الحليفةَ في طريقِ مَكَّةَ كما قاله البَكْرِيُّ، وزعمَ أنَّ سقوطَه كانَ بمكانٍ يُقَالُ له: الضُّلْضُلُ _بمعجمتين_ قال: وهو الصَّحيحُ، وأمَّا الجوهريُّ فذكرَه بمهملتين. وذات الجَيْشِ مِنَ المدينةِ على بُريدٍ، ذكره أبو عُبَيْدٍ عَنِ القُتَبِيِّ.
          ثالثها: قولها: (انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي) هو بكسر العين ثمَّ قافٌ، كلُّ ما يُعقَدُ ويُعَلَّقُ في العنقِ ويُقَالُ له: قِلَادَةٌ كما سلفَ، وسلفَ أيضًا أنَّه مِنْ جزعِ ظفارٍ، وفي روايةٍ أنَّها استعارت قلادةً مِنْ أسماءَ فهلكت، فإن قُلْتَ: ظاهرُ الحديثِ أنَّهما قضيَّتان في حالين، قُلْتُ: بل كانت واحدةً، وإنَّما الرِّوايةُ تختصر وتُخالف بين العباراتِ، فإنَّ القلادةَ كانت لأسماءَ واستعارَتْها منها عائشةُ فأضافَتْها إليها بقولِها: ضَاعَ عِقْدِي.
          قُلْتُ: روايةُ الطَّبَرَانِيِّ السَّالفةُ تُخالفُ هذا، ويقوِّيه روايةُ التِّرْمِذِيِّ السَّالفة أنَّه كان سنةَ اثنتين، فيجوزُ أن يُقَالَ بالتَّعَدُّدِ، وأنَّ في واحدةٍ سقط عِقْدُها، وفي أخرى: سقطَ عِقْدُ أختِها.
          فائدةٌ: هذا العِقدُ وَرَدَ في خبرٍ أنَّ ثمنَه اثنا عشر درهمًا، ذكرَهُ ابنُ بَطَّالٍ، وقيلَ: كانَ ثَمَنُه يسيرًا حكاه ابنُ التِّينِ.
          رابعها: قولها: (فَجَعَلَ يَطْعُنُنِي) هو بضمِّ العينِ، وحكى صاحبُ «المطالعِ» فتحَها، وفي «المجملِ»: الفتحُ بالقولِ، والضمُّ بالرُّمحِ، وقيل: كلاهما بالضمِّ، حكاه في «الجامعِ»، والخاصرةُ معروفةٌ وهي: منقطعُ الأضلاعِ إلى الحَجَبَةِ كما قاله صاحبُ «المحكمِ».
          خامسها: قولها: (فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ) أيِ الَّتي في المائدة الَّتي تلاها البخاريُّ، وكذا رواه الحُمَيْدِيُّ في «الجمعِ» مِنْ حديثِ عَمْرِو بنِ الحارثِ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ القَاسِمِ عن أبيه عن عائشةَ، فذكرَ الحديثَ، وفيه فنزلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية إلى قوله {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:6].
          وأمَّا الوَاحِدِيُّ فذكرَها في سورةِ النِّساءِ فقالَ: قوله تعالى مِنْ سورة النِّساء: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النِّساء:43] ثمَّ ساقَ حديثَ البخاريِّ، ثمَّ ساقَه مِنْ حديثِ عَمَّارٍ وفيه: ((فَأَنْزَلَ اللهُ رُخْصَةَ التَّطْهِيْرِ بِالصَّعِيْدِ الطَّيِّبِ، فَقَامَ المُسْلِمُوْنَ فَضَرَبُوا بِأَيْدِيْهِمُ الأَرْضَ ثُمَّ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَلَمْ يَقْبِضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا))، ثمَّ ذكرَ كيفيَّةَ التَّيَمُّمِ.
          وقال أبو بَكْرِ بنِ العَرَبِيٍّ: هذه معضلةٌ ما وَجَدْتُ لدائِها مِنْ دواءٍ، آيتان فيهما ذِكْرُ التَّيَمُّمِ في النِّساءِ والمائدةِ، فلا نعلمُ أيَّتهما عَنَتْ عائشةُ بقولِها: فأُنْزِلَتْ آيةُ التَّيَمُّمِ.
          وقال ابنُ بَطَّالٍ: هي آيةُ المائدةِ وآيةُ النِّسَاءِ؛ لأنَّ الوضوءَ كانَ لازمًا لهم قبل ذلك والآيتان مدنيَّتان ولم تكن صلاةٌ قبلُ إلَّا بوضوءٍ، فلمَّا أُنزِلَتْ آية التَّيَمُّمِ لم يُذكرِ الوضوءُ؛ لأنَّه كانَ متقدِّمًا متلوًّا؛ لأنَّ حكمَ التَّيَمُّمِ هو الطَّارئُ على الوضوءِ، وقيلَ: يحتملُ أن يكونَ أوَّلًا نزلَ أَوَّلُ الآيةِ وهو فرضُ الوضوءِ، ثمَّ نزلَ عند هذه الواقعةِ آيةُ التَّيَمُّمِ وهو تمامُ الآيةِ وهو: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة:6] أو يحتملُ أنَّ الوضوءَ كان بالسُّنَّةِ لا بالقرآنِ ثمَّ أُنزلَا معًا، فعبَّرَتْ عائشةُ بالتَّيَمُّمِ إذْ كان / هو المقصود.
          وجزمَ القُرْطُبِيُّ وغيرُه بأنَّها عَنَتْ بذلك آيةَ النِّساءِ؛ لأنَّ آيةَ المائدةِ ذُكِرَ فيها الوضوءُ بالماءِ والتَّيَمُّمُ وغُسلُ الجنابةِ، وفي النِّسَاءِ لم يُذْكَرِ الوضوءُ وإنَّما ذُكِرَ التَّيَمُّمُ عندَ عدمِ الماءِ بغيرِ ذِكْرِ الأسبابِ الَّتي كانت معروفةً عندَهم، فكانت النِّسَاءُ أخصَّ بها مِنَ المائدةِ.
          سادسها: قولها: (فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرِ) _هو بضمِّ الهمزةِ والحاءِ المهملةِ وبالضَّادِ المعجمةِ المفتوحةِ وآخره راءٌ مهملةٌ_ ابنُ سِمَاكَ بنِ عَتِيكَ بنِ رَافِعٍ بنِ امرئِ القيسِ، كذا ذكره ابنُ عبدِ البَرِّ، وصوابُه حَذْفُ رَافِعٍ بينهما، وكان مِنْ أحسنِ النَّاسِ صوتًا بالقرآنِ وهو صاحبُ الظِّلَّةِ الَّتي رآها وهو يقرأُ سورةَ الكهفِ وفسَّرها ◙ بالملائكةِ دَنَتْ لصوتِه ولو قَرَأَ حتَّى أصبحَ لرآهُمُ النَّاسُ، وهو صاحبُ العصا الَّتي أوقدَت مع عَبَّادِ بنِ بِشْرٍ، ماتَ بالمدينةِ سنةَ عشرين.
          سابعها: قولها: (فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ)، وفي الرِّوايةِ الَّتي تأتي في الباب بعده ((فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلعم رَجُلًا فَوَجَدَهَا))، وفي روايةٍ أخرى: ((بَعَثَ أُسَيْدَ بنَ حُضَيْرٍ وَأُنَاسًا مَعَهَ في طَلَبِهَا))، زعم الدَّاوُدِيُّ أنَّ هذا ممَّا لا يُشَكُّ في تَضَادِّه، قالَ: ولا أرى الوَهْمَ إلَّا في روايةِ ابنِ نُمَيْرٍ _يعني الثَّانيةَ_ قال: وحملَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ على روايةِ ابنِ نُمَيْرٍ، وجعلَه مُناقضًا لحديثِ مالكٍ.
          ورَدَّ ذلك ابنُ أبي صُفْرَة بأنَّه يحتملُ أن يكونَ المبعوثُ أُسَيْدًا فوجدَها بعدَ رُجُوعِه مِنْ طلبِها، ويحتملُ أن يكونَ الشَّارِعُ وَجَدَها عندَ إثارةِ البعيرِ بعدَ انصرافِ المبعوثِين إليها، فلا تعارضَ إذن، وهذا كلُّه إنَّما يأتي إذا قلنا باتِّحادِ الواقعةِ، فإن قلنا بتعدُّدِها كما سلفَ فلا، ويحتملُ أن يعني بالرَّجلِ الأميرِ على جماعةٍ، وعيَّنَه بعضُهم بأُسَيْدٍ وأصحابِه، واقتصرَ عليه بعضُهم.
          ثامنها: في فوائدِه: الأولى: ابتداءُ مشروعيَّةِ التَّيَمُّمِ، وذَكَرَ البَرْقِيُّ في «معرفة الصَّحابة» أنَّ الأَسْلَعَ قالَ لرسولِ اللهِ صلعم يومًا: ((إِنِّي جُنُبٌ وَلَيْسَ عِنْدِي مَاءٌ))، فأنزلَ اللهُ آيةَ التَّيَمُّمِ، وحكاه الجاحظُ في «برهانِهِ» قولًا، وهو غريبٌ.
          وفي «المصنَّفِ» عن عَبَّادِ بنِ العَوَّامِ عن بُرْدٍ عن سُلَيْمَانَ بنِ مُوسَى عن أبي هريرةَ: ((لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمُ لَمْ أَدْرِ كَيْفَ أَصْنَعُ، فَأَتَيْتُ النَّبيَّ صلعم، فَضَرَبَ بِيَدِهِ ضَرْبَةً إِلَى الأَرْضِ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ))، وهو مشكلٌ إذ التَّيَمُّمُ كانَ قبلَ إسلامه.
          ثانيها: حرمةُ الأموالِ الحلالِ، ولا تُضَيَّعُ وإن قَلَّتْ.
          ثالثها: جوازُ حفظِ الأموالِ، وإن أدَّى إلى عدمِ الماءِ في الوقتِ، قاله ابنُ مَسْلَمَةَ المَالِكِيُّ في «مبسوطِهِ» وعلى هذا يجوزُ للإنسان سلوك طريقٍ يتيَّقنُ فيه عدمَ الماءِ طلبًا للمالِ.
          رابعها: شكوى المرأةِ إلى والدِها، وإن كانَ لها زوجٌ.
          خامسها: خروجُ النِّساءِ مع الرِّجال في الأسفارِ والغزواتِ، وذلك مباحٌ إذا كان العسكرُ كثيرًا يُؤمَن عليه الغلبة.
          سادسها: الإقامةُ على موضعٍ لا ماءَ فيه للمصلحةِ إذ في الحديثِ: (وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ).
          سابعها: جوازُ القلادةِ للنِّسَاءِ.
          ثامنها: جوازُ السَّفرِ بها بإذنِ الغيرِ.
          تاسعها: جوازُ وضع الرَّجل رأسَه على فخذِ زوجتِهِ.
          عاشرها: جوازُ دخول والدِ الزَّوجةِ إلى بيتِها وإن كان زوجُها نائمًا بغيرِ إذنِهِ والإنصرافُ منها بغيرِ إذنِهِ.
          الحادية عشرة: تأديبُ الرَّجلِ ولدَه بالقولِ والفعلِ والضَّربِ، وإن كان كبيرًا خارجًا عن بيتِهِ متزوِّجًا.
          الثَّانية عشرة: احتمالُ المشقَّةِ لأجلِ المصلحةِ؛ لقولِها: (وَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللهِ صلعم عَلَى فَخِذِي).
          الثَّالثة عشرة: معاتبةُ مَنْ نُسِبَ إلى ذنبٍ أو جريمةٍ، كما عاتبَ الصِّدِّيقُ ابنتَه على حَبْسِ الجيشِ بسببِها.
          الرَّابعة عشرة: نسبةُ الفعلِ إلى مَنْ هو سببُه وإن لم يفعلْهُ لقولِهم: (أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟) إلى آخره، فنُسِبَ الفعلُ إليها إذ كانت سببَهُ.