التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب السلم إلى أن تنتج الناقة

          ░8▒ بَابُ: السَّلَمِ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ.
          2256- ذكر فيه حديثَ نَافِعٍ: (عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الجَزُورَ إِلَى حَبَلِ الحَبَلَةِ، فَنَهَى النَّبيُّ صلعم عَنْهُ. فَسَّرَهُ نَافِعٌ: أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا).
          وقد سلف تفسيرُ ذلك. والإجماعُ قائم على بطلان هذا السَّلم، لأنَّه أجلٌ مجهول، والشَّارع إنما أجازه إلى أجلٍ معلوم.
          واختلفوا فيمَنْ باع إلى الحَصاد أو الجِذاذ أو إلى العطاء أو إلى عيد النَّصارى، فقالت طائفة: البيعُ جائز، وكذا لو باع إلى رجوع الحاجِّ. وأجاز ذلك كلَّه أبو ثور، وقال مالك: مَنْ باع إلى الحصاد، أو إلى الجِذاذ فهو جائز، لأنَّه معروفٌ، وبه قال أحمد، قال: وكذلك إلى قدوم الغُزاة. وَرُوِيَ عن ابن عمر أنَّه كان يشتري إلى العَطاء، وعن القاسم بن محمَّد مثلُه، وقال الأوزاعيُّ: إنْ باع إلى فِصْح النَّصارى أو صومهم فذلك جائزٌ، وإن باع إلى الأَنْدَرِ والعصير فهو مكروهٌ، لتفاوُت ما بين أوَّل الأَنْدَرِ وآخره. وقالت طائفةٌ: لا يجوز السَّلم إلى العصيرِ والحصاد والدِّراس، هذا قولُ ابن عبَّاس، وبه قال أبو حنيفة والشَّافعيُّ، واحتجُّوا بأنَّ الله جعل المواقيتَ بالأهلَّة قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} [البقرة:189].
          وفيها قولٌ رابع: أنَّ البيع إلى العطاء جائزٌ، والمالُ حلال، وهو قول ابن أبي ليلى، ومَنْ باع إلى أجلٍ غير معلوم فالبيعُ فاسد استدلالًا بحديث الباب.
          وحجَّة مالكٍ أنَّ المقصود بالحصاد وجذاذ النَّخل: الأوقاتُ، فهي أوقاتٌ معلومةٌ عند أهل المعرفة بها، سواء تقدَّمت أفعالُ النَّاس لها أو تأخَّرت.