التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب صدقة الفطر على الحر والمملوك

          ░77▒ بَابُ: صَدَقَةِ الفِطْرِ عَلَى الحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ.
          وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي المَمْلُوكِينَ لِلتِّجَارَةِ: يُزَكَّى فِي التِّجَارَةِ، وَيُزَكَّى فِي الفِطْرِ.
          1511- ذَكَرَ فيه حديثَ ابنِ عُمَرَ قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلعم صَدَقَةَ الفِطْرِ) الحديث، وقد سَلَفَ، وفي آخِرِهِ: (فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي التَّمْرَ، فَأَعْوَزَ أَهْلُ الْمَدِينَة مِنَ التَّمْرِ، فَأَعْطَى شَعِيرًا، فَكَانَ ابنُ عُمَرَ يُعْطِي عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، حَتَّى إِنْ كَانَ يُعْطِي عَنْ بَنِيَّ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ).
          <قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: (عَنْ بَنِيَّ) يَعْنِي عَنْ بَنِي نَافِعٍ، يَعْنِي يُعْطُونَ فَيَجْمَعُونَ، فَإِذَا كَانَ يَومُ الفِطْرِ أَخْرَجُوهُ حِينَئِذٍ إِلَيْهِمْ يُعطَونَ قَبْلَ الفِطْرِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى الفُقَرَاءِ> وهذا في بعض نُسَخِ البُخاريِّ.
          قال مالكٌ: أَحْسَنُ ما سمعتُ أنَّ الرَّجُلَ تلزمُهُ زكاةُ الفِطْرِ عمَّن تلزمُه نَفَقَتُه ولا بُدَّ أنْ يُنفِقَ عليه، وعن مكاتَبهِ ومدبَّره ورقيقِه غائبِهم وشاهدِهم للتِّجارةِ كانوا أو لغيرِ التِّجارةِ إذا كان مُسلمًا، وهو قولُ جمهورِ العلماءِ، وقال أبو حنيفةَ والثَّوريُّ: لا تلزمُه زكاةُ الفِطْرِ عن عَبيدِ التِّجارةِ، وهو قولُ عطاءٍ والنَّخَعيِّ. حُجَّة الموجِبِ الحديثُ لم يَخُصَّ عَبْدَ الخِدمةِ مِن عَبْدِ التِّجارةِ. وكذلك خالفَ أبو حنيفةَ والثَّوريُّ الجمهورَ فقالا: ليس على الزَّوج فِطْرَةُ زوجتِه كما سَلَفَ ولا خادمِها.
          وقولُه: (فَأَعْوَزَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ التَّمْرِ فَأَعْطَى شَعِيرًا) يدلُّ أَنَّهُ لا يجوزُ أن يُعطيَ في زكاةِ الفِطر إِلَّا مِن قُوتِه لِأَنَّ التَّمرَ كان مِن جُلِّ عَيْشِهم فأعطى شعيرًا حين لم يجد التَّمرَ.
          وقولُه: (كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِيهَا الَّذِين يَقْبَلُونَهَا قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) يريدُ الَّذين يجتمعُ عندهم، ويكونُ تفريقُها صبيحةَ يومِ العيدِ لأَنَّها السُّنَّةُ، وكان كثيرَ الاتِّبَاع للسُّنَّة. وقال ابن جُرَيجٍ: أخبرَني ابنُ عمرَ قال: أدركتُ سالمَ بن عبدِ الله وغيرَه مِن علمائنا فلم يكونوا يُخرجونَها إِلَّا حين يَغْدُون. وقال عِكرمةُ وأبو سَلمة: كانوا يُخرجونَها ويَأكلونَ قبلَ أن يَخرجوا إلى المصلَّى. وقضيَّةُ ما فعلَهُ ابنُ عمرَ أَنَّ الإمامَ ينصِب لها مَن يَقبلُها، وصرَّح به في «الموطَّأ» قال مالك: إذا كان الإمام عَدْلًا فأرسلها إليه أحبُّ إليَّ، وذلك أنَّ أهل الحاجةِ إِنَّمَا يَقصدونَ الإمامَ، وقال أيضًا: أحبُّ إليَّ أن يفرِّقَها أربابُها.