التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب صدقة الفطر صاعًا من طعام

          ░73▒ بَابُ: صَدَقَةِ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ.
          1506- ذَكَرَ فِيهِ حديثَ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: (كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ).
          هذا الحديثُ أخرجَهُ مسلمٌ والأربعةُ أيضًا، وهو ملحَقٌ بالمسنَدِ عند المحقِّقين مِن الأصوليِّين لأَنَّ هذا لا يخفَى عنه صلعم، ولا يذكرُهُ الصَّحابيُّ في معرِض الاحتجاجِ إِلَّا وهو مرفوعٌ، وفي مسلمٍ: ((كنَّا نُخرج _إذْ كان فينا رسولُ الله صلعم_ زكاةَ الفِطْرِ)) فذكرَهُ فصرَّحَ برَفْعِهِ.
          والطَّعَامُ هنا البُرُّ كما سَلَفَ، والأَقِطُ بفتْحِ الهمزةِ وكَسْرِ القافِ، ويجوزُ إسكان القافِ مع فتْحِ الهمزة وكسرِها كنظائرِه، وهو لبنٌ يابسٌ غيرُ منزوعِ الزُّبْد.
          وفيه إجزاءُ الأَقِطِ، وهو قولُ الجمهور كما سَلَفَ، وَطَعْنُ ابنِ حزمٍ في الحديثِ لا يُقبَلُ كما أوضحتُهُ في «تخريجِ أحاديثِ الوسيط» فراجِعْه منه، ولا فرق في إجزائِه بين أهلِ الحاضرةِ والباديةِ، وعندَهُ _أعني ابنَ حزمٍ_ لا يُجزئ إِلَّا التَّمرُ والشَّعيرُ خاصَّة، قال: لا يُخرِجُ في زكاة الفِطْرِ إِلَّا التَّمرَ والشَّعيرَ خاصَّةً، ورَدَّ الأحاديثَ الَّتي فيها زيادةٌ على هذين الجنسينِ فقال: احتجُّوا بأخبار فاسدة لا تصحُّ منها حديثُ أبي سعيدٍ هذا، ومنها حديثُ ثَعلبة بن صُعَير عن أبيه: ((صاعًا مِنْ بُرٍّ)) ثُمَّ ضعَّفَهُ بالنُّعمانِ بن راشد واضطرابِه، وقد رواه مَرَّةً فلم يذكر البُرَّ وذَكَرَ التَّمرَ والشَّعيرَ، وهو أحسنُ حديثٍ في البابِ ولا يُحتجُّ به لجهالةِ عبدِ الله بن ثعلبة بن صُعَير، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ ليس له صُحبةٌ، وهو غريبٌ فقد ذكرَهُ في الصَّحَابةِ أبو عمرَ وغيرُهُ، وروى عنه سعدُ بن إبراهيم وغيرُه فلا جهالة إذن، ثُمَّ رَوى مِن طريقِ عمرو بن شُعيب وفيه: ((مُدَّان مِنْ حنطةٍ أو صاعٌ ممَّا سِوى ذَلِكَ مِنَ الطَّعام)) / ثُمَّ قال: وهذا مرسَلٌ. قُلْتُ: وَوَصَلَهُ الدَّارَقُطنيُّ عن أبيه عن جَدِّهِ، وكذا التِّرمذيُّ وقال: حسنٌ غريب.