شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم

          ░11▒ باب: فَضلِ الإِصلَاحِ بَينَ النَّاسِ والعَدلِ بَينَهُم
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبيُّ صلعم(1): (كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاس عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ). [خ¦2707]
          قال المُهَلَّب: قوله: (كُلُّ سُلامَى)يعني كلَّ مفصلٍ وكلَّ عظمٍ وإن صغر، والسلاميَّات: عظام مفاصل الكفِّ، فعلى كلِّ واحدٍ منهما صدقةٌ لله ╡ من فعل الطاعة والخير كلَّ يومٍ، إذ كلُّ موضع شعرةٍ فما فوقها من جسد الإنسان عليه فيه نعمةٌ لله ╡، يلزمه شكره والاعتراف بها حين خلقه صحيحًا يتصرَّف في منافعه وإرادته(2)، ولم يجعل في ذلك الموضع داءً يمنعه ألمه من استعماله والانتفاع به، وإنَّما سُمِّيت طاعة الله ╡ من صلاة وغيرها صدقةً؛ لأنَّه كان لله ╡ أن يفترض على عباده ما شاء من الأعمال دون أجرٍ يأجرهم عليها، ولا ثواب فيها، ولكنَّه برحمته تفضَّل علينا بالأجر والثواب على ما فرضه، فلمَّا كان لأفعالنا أجرٌ فكأنَّنا نحن ابتدأنا بالعمل فاستحققنا الأجر، فشابه به الصدقة المبتدأة التي عليها الأجر لازمٌ في فضل الله ╡. وفيه أنَّ العدل بين الناس من الأعمال الزاكية عند الله تعالى المرجوِّ قبولها.


[1] قوله: ((النبي صلعم)) ليس في (ص).
[2] في (ز): ((وأداته)) والمثبت من (ص).