شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الصلح في الدية

          ░8▒ باب: الصُّلْحِ في الدِّيَةِ
          فيه: أَنَسٌ: (أَنَّ الرُّبَيِّعَ، وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ، كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأرْشَ، وَطَلَبُوا الْعَفْوَ، فَأَبَوْا، فَأَتَوُا النَّبيَّ صلعم فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ لَا والذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، قَالَ: يَا أَنَسُ(1) كِتَابُ اللهِ الْقِصَاصُ، فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا، /
          قَالَ النَّبيُّ صلعم: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ على اللهِ لأبَرَّهُ، فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الأرْشَ). [خ¦2703]
          الصلح في الدية من قول الله ╡: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}[البقرة:178].
          قال المُهَلَّب: (فَطَلَبُوا الأرْشَ) يعني: فطلبوا أن يعطوا الأرش، ويُعفى عن القصاص، فأبى أهل الجارية وتحاكموا إلى النبيِّ صلعم فأمر بالقصاص السنُّ بالسنِّ.
          وإنَّما أقسم أنس بن النضر: والله لا تكسر ثنيَّة الربيع ثقةً منه بالله ╡ في أن يجعل له مخرجًا؛ لأنَّه كان ممَّن يتَّقي الله ╡، فأجاب الله دعاءه وأبرَّ قسمه بأن يسَّر القوم لقبول الأرش والعفو عن القصاص، فلذلك قال النبيُّ صلعم: (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ على اللهِ لأبَرَّهُ) ولم يجعله في معنى المتألِّي على الله بغير ثقةٍ.


[1] في (ص): ((يا أنيس)).