شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول الله تعالى {أن يصالحا بينهما صلحًا والصلح خير}

          ░4▒ باب: قَوْلِ اللهِ تعالى: / {أَنْ يَصَّلَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء:128]
          فيه: عَائِشَةُ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}[النساء:128]قَالَتْ: هُوَ الرَّجُلُ يَرَى مِنِ امْرَأَتِهِ مَا لا يُعْجِبُهُ كِبَرًا أَوْ غَيْرَهُ فَيُرِيدُ فِرَاقَهَا، فَتَقُولُ: أَمْسِكْنِي وَاقْسِمْ لي مَا شئْتَ قَالَتْ: فَلا بَأْسَ إِذَا تَرَاضَيَا. [خ¦2694]
          قال المُهَلَّب: الصلح في كلِّ شيءٍ خيرٌ(1) من التمادي على الخلاف والشحناء والمباغضة(2) التي هي قواعد الشرِّ، والصلح وإن كان فيه صبرٌ مؤلمٌ فعاقبته جميلةٌ، وأمرُّ منه وشرُّ عاقبة العداوة والبغضاء، وقد قال ◙ في البغضة: ((إنَّها الحالقة يعني: حالقة الدين لا حالقة الشعر))، أراد النبيُّ صلعم أن يطلِّق سودة لسنٍّ كان بها، فأحسَّت منه ذلك فقالت له: قد وهبت يومي لعائشة فلا حاجة لي بالرجال، وإنَّما أريد أن أحشر في نسائك، فلم يطلِّقها واصطلحا على ذلك. ودلَّ هذا(3) أنَّ ترك التسوية بين النساء وتفضيل بعضهنَّ على بعضٍ لا يجوز إلَّا بإذن المفضولة ورضاها، ويدخل في هذا المعنى جميع ما يقع عليه بين الرجل والمرأة في مالٍ أو وطءٍ أو غير ذلك، وكلُّ ما تراضيا عليه من الصلح فهو حلالٌ للرجل من زوجته لهذه الآية.


[1] في (ص): ((خير في كل شي)).
[2] في (ص): ((البغضاء)).
[3] قوله: ((هذا)) ليس في (ص).