شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما جاء في التصيد

          ░10▒ باب: مَا جَاءَ في الصَّيدِ
          فيه: عَدِيٌّ: (قلت: يَا رسُول الله إِنَّا قَوْمٌ نَتَصَيَّدُ بِهَذِهِ الْكِلابِ). [خ¦5487]
          وفيه: أَبُو ثَعْلَبَةَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابِ نَأْكُلُ في آنِيَتِهِمْ، وَأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي، وَأَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، والذي لَيْسَ مُعَلَّمًا) الحديث. [خ¦5488]
          وفيه: أَنَسٌ، قَالَ: (أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَوْا عَلَيْهَا حَتَّى تَعِبُوا، فَسَعَيْتُ عَلَيْهَا حَتَّى أَخَذْتُهَا، فَجِئْتُ بِهَا إلى أبي طَلْحَةَ، فَبَعَثَ إلى النَّبيِّ صلعم بِوَرِكَهَا وفَخِذَيْهَا، فَقَبِلَهُ). [خ¦5489]
          وفيه: أَبُو قَتَادَة: (أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبيِّ صلعم بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى على فَرَسِهِ) الحديث. فقال صلعم: (إنَّمَا هِيَ طُعمَةٌ أَطَعَمَكُمُوهَا اللهُ). [خ¦5490]
          العلماء مجمعون على جواز الصَّيد للاكتساب وطلب المعاش.
          وقال مالكٍ: إنَّ من كان شأنَّه الصَّيد للَّذَّة أنَّ شهادته غير جائزةٍ.
          وقد روى ابن عبَّاسٍّ عن النَّبيِّ صلعم أنَّه قال: ((من طلب الصَّيد غفل)) إلَّا أنَّ حال الذي يصيد للَذَّة ينبغي أن يعتبر، وإن كان يُضَيِّع له فرائضه وما يلزمه من مراعاة أوقات الصَّلوات وشبهها فهذا هو الأمر المسقط لشهادته ولو لم يكن ثَمَّ صيدٌ، وإن كان لا يُضَيِّع شيئًا يلزمه فلا ينبغي أن تردَّ شهادته.
          وحديث ابن عبَّاسٍ رواه سفيان الثَّوريُّ، عن أبي موسى التَّمَّار، عن وهب بن منبِّهٍ، عن ابن عبَّاسٍ، قال: قال رسول الله صلعم: ((من سكن البادية جفا، ومن اتَّبع الصَّيد غفل، ومن لزم السُّلطان افتتن)).
          وقوله: (أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا) يعني: أجرينا، وفي كتاب «الأفعال»: نَفَج الأرنب وغيره نُفُوجًا: أسرع. وقال صاحب «العين»: وأنفجته، وكلُّ ما ارتفع فقد انتفج، ورجلٌ نفَّاجٌ بما لم يفعل.