عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب استئجار المشركين عند الضرورة أو إذا لم يوجد أهل الإسلام
  
              

          ░3▒ (ص) باب اسْتِئْجَارِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الإِسْلَامِ.
          (ش) أي هذا بابٌ في بيان حكم استئجار المسلمينَ أهلَ الشرك عند الضرورة، وهذه الترجمة تُشعِر بأنَّه لا يَرى استئجار المشرك، سواء كان مِن أهل الذِّمَّة أو مِن غيرهم عند عدم الضرورة، إلَّا عند الاحتياج إلى أحدٍ منهم لأجل الضرورة؛ نحو عدم وجود أحدٍ مِن أهل الإسلام يكفي ذلك، أو عند عدمه أصلًا، وأشار إليه بقوله: (وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الإِسْلَامِ).
          وقوله: (لَمْ يُوجَدْ) على صيغة المجهول، وفي بعض النُّسَخ: <وإذا لم يَجِد> على صيغة المعلوم؛ أي: وإذا لم يجد المسلم أحدًا مِن أهل الإسلام لِأَن يستأجره، وجواب (إِذَا) محذوفٌ يعلم مِمَّا قبله؛ لأنَّه عطف عليه وقد قرَّرناه.
          (ص) وَعَامَلَ النَّبِيُّ صلعم يَهُودَ خَيْبَرَ.
          (ش) مطابقة هذا التعليق للترجمة مِن حيث إنَّهُ صلعم عامل يهود خيبر على العمل في أرضها؛ إذ لم يوجد مِن المسلمين مَن ينوب منابهم في عمل الأرض في ذلك الوقت، ولمَّا قوي الإسلام استُغْنِي عنهم حَتَّى أجلاهم عُمَر بن الخَطَّاب ☺ ، وسقط بذلك قول بعضهم: وفي استشهاده بقصَّة معاملة النَّبِيِّ صلعم يهود خيبر على أن يزرعوها نظرٌ؛ لأنَّه ليس فيها تصريحٌ بالمقصود.
          قُلْت: كيف ينفي التصريح بالمقصود فيه، فإنَّ معاملته صلعم يهودَ خيبر على الزراعة في معنى استئجاره إيَّاهم صريحًا.