عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب دعاء النبي: اجعلها عليهم سنين كسني يوسف
  
              

          ░2▒ (ص) باب دُعَاءِ النَّبِيِّ صلعم : «اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ».
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان دُعَاءِ النَّبِيِّ صلعم في القُنُوتِ على الكافرين بقوله: (اجْعَلْهَا) أي: اجعل تلك المُدَّةَ التي تقع فيها الشِّدَّةُ، وهي التي قال صلعم : «اللهمَّ اشدُدْ وَطْأَتَكَ على مُضَرَ»، وهذا الضميرُ هو المفعولُ الأَوَّل لقوله: (اجْعَلْ)، وقوله: (سِنِينَ) بالنصبِ هو المفعول الثاني.
          و(سِنين) جمعُ (سَنَة)، وفيه شذوذان؛ أحدهما: تغييرُ مُفرَدِه مِنَ الفتحة إلى الكسرة، والآخَرُ: كونُه جمعًا لغير ذَوي العُقول، وحكمُه أيضًا مخالفٌ لسائر الجموع في أنَّهُ يجوزُ فيه ثلاثة أوجُهٍ:
          الأَوَّل: أن يُعرَبَ إعرابَ (مسلمين).
          والثاني: أن تُجعَلَ نونُه مُعتَقَبَ الإعرابِ مُنوَّنًا.
          والثالث: أن يكون غيرَ مُنوَّن، مُنصرِفًا وغيرَ مُنصرِفٍ.
          قوله: (كَسِنِي يُوسُفَ) بإضافة (سِنين) إلى (يوسف) ؛ فلذلك سقطت نونُ الجمع، والمراد به: ما وَقَع في زمانِ يوسف ◙ مِنَ القَحْطِ في السِّنين السبع؛ كما وقع في القرآن.
          فَإِنْ قُلْتَ: ما وجهُ إدخالِ هذا الباب في أبواب الاستسقاء؟
          قُلْت: للتنبيهِ على أنَّهُ كما شُرِعَ الدعاءُ في الاستسقاء للمؤمنين؛ كذلك شُرِعَ الدُّعاءُ بالقَحْط على الكافرين؛ لأنَّ فيه إضعافَهم، وهو نفعٌ للمسلمين.