عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد مكانه
  
              

          ░20▒ (ص) بابُ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ أخَاهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ ويَقْعُدُ مَكَانَهُ.
          (ش) أي: هذا بابٌ ترجمتُه: لا يقيمُ الرجلُ... إلى آخره.
          قوله: (ويَقْعُدَُ) يجوز فيه الرفع والنصب؛ أَمَّا الرفع فعلى أنَّهُ عطف على (لا يُقِيْمُ) أي: لا يقيم أخاه ولا يقعدُ مكانه، فيكون كلٌّ منهما ممنوعًا، وأَمَّا النصب فعلى تقدير: وأن يقعد، فيكون حينئذٍ منعًا عنِ الجمع بين الإقامةِ والقعود، ويجوز أن يكون (وَيَقْعُدَ) في محلِّ النصبِ على الحال، فتقديره: وهو يقعد، فيكون ممنوعًا كالأَوَّل، فلو أقامه ولم يقعد هو في مكانِهِ لم يكن مرتكبًا للنهي، ولو أقامَه وقعد غيره فالقياس عليه ألَّا يرتكب للنَّهي.
          فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ قَيَّد الترجمة بيومِ الجمعة، مَعَ أنَّ الحديثَ الذي أورده في الباب مُطلَقٌ، والحديث الذي فيه التقييد بالجمعة أخرجه مسلمٌ مِن طريق أبي الزُّبَير عن جابرٍ بلفظ: «لا يُقِيمَنَّ أحدكم أخاهُ يوم الجمعة، ثُمَّ يخالف إلى مقعده فيقعد فيه، ولكن يقول: تفسَّحوا»، وكان المناسب للترجمة هذا الحديث؟
          قُلْت: إِنَّما لم يُخرِّج هذا الحديث لأنَّه ليس على شرطه، ولكن أشار بهذا القيد إلى هذا الحديث.