الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب كيف يكتب: هذا ما صالح فلان بن فلان وفلان بن فلان

          ░6▒ (بابٌ) بالتنوين (كَيْفَ يُكْتَبُ) بالبناء للمفعول، ويصِحُّ بناؤه للفاعل؛ أي: كيف يكتُبُ الكاتبُ للصُّلحِ، وقولُه: (هَذَا مَا صَالَحَ...) إلخ، جوابُ الاستفهام، فاسمُ الإشارةِ وخبَرُه مفعولٌ لمحذوفٍ، وفي بعض الأصول زيادةُ: <عليه> بعد: ((ما صالَحَ))؛ أي: يكتُبُ: هذا / ما صالَحَ (فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ) برفع ((فلانُ)) الأولِ، فاعلُ ((صالح))، وبجرِّ الثاني؛ لأنه مضافٌ إليه.
          وقوله: (فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ) بنصبِ ((فُلانَ)) الأولِ، مفعولُ ((صالَحَ)) وفي كثيرٍ من الأصول: <وفلانُ بنُ فلانٍ)) بواو العطف، ورفعِ ((فُلانُ)) عطفٌ على الأولِ المرفوع؛ أي: يكفي كتابةُ ما ذُكرَ (وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ) أي: مَنْ ذَكَرَ من المتصالحيَن (إِلَى قَبِيلَتِهِ أَوْ نَسَبِهِ) بالجرِّ، عطفٌ على ((قبيلتِهِ)) فهو اسمٌ لا فعلٌ، عطفٌ على: ((وإن لم ينسُبْه)) وعلى أنَّ بعضَهم جوَّزَه، ففي ((الفتح)): واختُلفَ في ضبطِ ((ونسَبِه)) فقيل: بالجرِّ، عطفٌ على ((قبيلتِه))، وعليه: فالترديدُ بين القبيلةِ والنِّسبةِ، وقيل: بالنَّصبِ، فعلٌ ماضٍ عُطفَ على المنفيِّ، قال: والأولُ أَولى، وبه جزَمَ الصَّغَانيُّ، انتهى.
          وأقول: هو عطفٌ على النافي والمنفيِّ، لا على المَنفيِّ فقط، فافهم، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ: <إلى قبيلةٍ> بحذف الفوقية، وفي بعضِ الأصُول: تقديمُ ((نسَبِه)) ومحَلُّ الاكتِفاءِ بذلك إذا كان معروفاً بدون ذلك، وإلا فيلزَمُ ذِكرُ ما يميِّزُه من ذِكرِ جدٍّ أو بلَدٍ أو نحوِ ذلك، وعلى هذا يُحمَلُ قولُ الفقهاء: يُكتَبُ في الوثائقِ بالديون أو العقودِ اسمُه واسمُ أبيه وجدِّه ونسَبِه، فإنْ أُمنَ اللَّبسُ استُحبَّ ذلك.