الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من عرف اللقطة ولم يدفعها إلى السلطان

          ░11▒ (باب مَنْ عَرَّفَ) بتشديد الراء (اللُّقَطَةَ) أطلَقَها، فشمِلتِ القليلةَ والكثيرةَ، وجملةُ: (وَلَمْ يَدْفَعْهَا إِلَى السُّلْطَانِ) معطوفةٌ على: ((عرَّفَ)) أو حالٌ من فاعلِه، و((يدفَعْها)) بالدال المهملة للأكثرين، ورواه الكُشميهنيُّ: <ولم يَرفَعْها> بالراءِ بدلَ الدالِ.
          قال في ((الفتح)) وغيرِه: وكأنَّه أشارَ بالتَّرجمةِ إلى ردِّ قولِ الأوزاعيِّ في التَّفرقةِ بين القليلِ والكثيرِ، قال: إن كانَ قليلاً عرَّفَه، وإن كان كثيراً دفعَه إلى بيتِ المالِ بدفعِه للسُّلطانِ، والجمهورُ على خلافِهِ، ففرَّق بعضُهم بين اللُّقَطةِ والضَّوالِّ، وبعضُ المالكيَّةِ وبعضُ الشافعيَّةِ بين المؤتمَنِ، فقالوا: يعرِّفُ، وبين غَيرِه، فيدفَعُها إلى السُّلطانِ.
          وقال بعضُ المالكيَّةِ: إن كانتِ اللُّقَطةُ بين قومٍ مؤمنينَ والسُّلطانُ جائرٌ، فالأفضلُ أن لا يلتقِطَ، فإنِ التقَطَها، فالأفضلُ أن لا يدفعَها له، وإن كان عادلاً، فيُخيَّرُ في دفعِها له، وإن كانت بين قومٍ غيرِ مؤمنين والإمامُ جائرٌ، تخيَّرَ الملتقِطُ وعملَ بما يترجَّحُ عنده، وإن كان عادِلاً فكذلك، فليُتأمَّل.