الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ضالة الإبل

          ░2▒ (باب ضَالَّةِ الإِبِلِ) أي: هل يجوزُ التقَاطُها أم لا، وفيه خلافٌ بين الأئمَّة وتفصيلٌ، فقال الشَّافعيَّة: لا يجوزُ التقاطُهَا في المفازةِ إلا زمن النَّهبِ فيجوزُ له حينئذٍ التقَاطُها ولو للتملُّكِ، وكذا يجوزُ التقَاطُها في العمران مطلقاً، وأمَّا التقَاطُها للحفْظِ فيجوزُ مطلقاً، وعلى هذا التَّفصيلِ تحملُ الأحاديثُ.
          تنبيه: الضَّالة _بالضاد المعجمة وتشديد اللام_، قال العينيُّ: قيل هي الضَّائعةُ في كلِّ ما يُقتنى من الحيوانِ وغيرهِ، يقال: ضلَّ الشَّيء: إذا ضاعَ، وضَاعَ عن الطَّريقِ إذا حارَ، والضَّالَّة / في الأصلِ اسم فاعلٍ، ثمَّ اتسعَ فيها فصَارتْ من الصِّفاتِ الغالبةِ تقعُ على الذَّكرِ والأنثَى والجمعِ، ويجمَعُ على: ضَوَال، انتهى.
          وقال في ((الفتح)): قال العلماءُ: الضَّالَّة لا تقعُ إلَّا على الحيوانِ، وما سواهُ يقال له: لقطةٌ، ويقال للضَّوَالِّ أيضاً: الهوَامِي والهوَافي _بالميم والفاء_ والهوَامِل، انتهى.
          وسوَّى الطحاويُّ بين الضَّالَّة واللُّقَطة.
          وقال في ((الفتح)): والجمهورُ على القولِ بظاهرِ الحديثِ في أنَّها لا تلتقطُ، وقال الحنفيَّةُ: الأولى أن تلتقطَ، وحملَ بعضُهم النَّهي على من التقطِهَا ليتملَّكها لا ليحفظَها فيجوزُ له، وهو قول الشَّافعيَّة، وكذا إذا وجدَتْ بقريةٍ فيجوزُ للتَّملُّك على الأصحِّ عندهُم، والخلافُ عند المالكيَّة أيضاً، انتهى.
          ومثلُ الإبلِ غيرها من كلِّ ما يمتنعُ بنفسِهِ من صغارِ السِّباع بقوَّةٍ كبعيرٍ وبقرٍ، أو بعدوٍ كأرنبٍ وظبيٍ، أو بطيرانٍ كحمامٍ، وفي ذلك مزيدُ تفصيلٍ في الفروعِ.