الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها

          ░4▒ (باب إِذَا لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ) أي: إذا لم يجدْ الملتقطُ مالك اللُّقَطة (بَعْدَ سَنَةٍ فَهْيَ) أي: اللُّقَطة (لِمَنْ وَجَدَهَا) أي: من غيرِ احتياجٍ إلى لفظٍ يدلُّ على التَّملُّكِ، ولا إلى بيِّنةٍ.
          وهذا مذهبُ البخاريِّ والحنابلةِ، وهو أحدُ وجوهٍ ثلاثةٍ عند الشافعيَّة، والأصحُّ عندهم: أنَّه لا بدَّ بعد التَّعريفِ ومضيِّ السَّنة من لفظٍ يدلُّ على التَّملُّك، وقيل: يملكها بمضيِّ السنَة إذا تصرَّفَ فيها، وما حملنا عليه التَّرجمة هو مقتضَى كلامِ الشرَّاح أولاً، ومقتضَى كلامِهِم آخراً أنَّها لمن وجدَها؛ يعني: يملكها ولا شيءَ عليه لمالكها إذا تلفَتْ أو أتلفَها.
          وعبارةُ ((الفتح)) قال النَّووي: إنْ جاءَ صاحبُها قبلَ أن يتملَّكَها الملتقطُ أخذَهَا بزوائدها المتَّصلةِ والمنفصلةِ، وأمَّا بعد التَّملُّك فإنْ لم يجِئْ صاحبُها فهي لمن وجدَها ولا مطالبةَ عليهِ في الآخرةِ، وإن جاءَ / صاحبُها فإن كانَتْ موجُودةً بعينها استحقَّها بزوائدِهَا المتَّصلةِ، ومهما تلفَ منها لزمَ الملتقطُ غرامتهُ للمَالكِ، وهو قولُ الجمهورِ.
          وقال بعضُ السَّلفِ: لا يلزمُه، وهو ظاهرُ اختيارِ البخاريِّ انتهتْ، ويمكن حملُ التَّرجمةِ على الأمرينِ بأن يريدَ المصنِّفُ بقوله: فهي لمن وجدَها أنَّها له من غيرِ تملُّكٍ ومن غيرِ ضمانٍ لو تلفَتْ، فتأمَّل.