الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الاعتكاف

          ░9▒ (بابُ الاِعْتِكَافِ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صلعم): كذا في أكثر الأصول، وعزاهُ القسطلانيُّ للفرع وغيره ((خرج)) فعلٌ ماضٍ؛ بمعنى: خروج على حدِّ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة:6]، وليوافق ما في بعضِ الأصول بلفظ: <وخروج النَّبي صلعم>؛ أي: من اعتكافه في المسجد بتركه.
          (صَبِيحَةَ عِشْرِينَ): أي: من شهر رمضان، مع أنَّه كان نُصِب له خباءٌ ليعتكفَ فيه العشرَ الأخير، فتركه لِما مرَّ آنفاً في باب الأخبية في المسجد، و((صبيحةَ)) منصوبٌ على الظرفيَّة، قال في ((الفتح)) كأنَّه أراد بالتَّرجمة تأويلَ ما وقع في حديث مالكٍ من قوله: ((فلمَّا كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة الَّتي يخرج من صبيحتِها)) الصبيحة التي قبلَها، قال ابنُ بطَّالِ: هو مثل قولِه تعالى: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات:46] فأضاف الضُّحى إلى العشيَّة وهو قبلها، وكلُّ متَّصلٍ بشيءٍ فهو مضافٌ إليه، سواءٌ كان قبله / أو بعده، انتهى ما في ((الفتح))، لكن عبارة ابنُ بطَّالٍ هنا أجمع العلماء أنَّه من اعتكف العشر الأوسط.