نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: نهي عن بيع النخل حتى يصلح وعن بيع الورق نساء بناجز

          2247- 2248- (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ) هِشَامُ بن عبد المَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ، قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي: ابن الحَجَّاجِ (عَنْ عَمْرٍو) أي: ابن مُرَّةَ (عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ) أنَّه (قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ ☻ ، عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَالَ) أي: ابن عُمر ☻ (نُهِيَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ) أي: عن بيع ثمر النَّخل (حَتَّى يَصْلُحَ) أي: حتَّى يظهر فيه الصَّلاح.
          واتَّفقت الرِّوايات في هذا الموضع على أنَّ قوله: نُهي _بضم النون على البناء للمفعول_، واختلف في الرِّواية الآتية وهي رواية غُنْدَرٌ فعند أبي ذَرٍّ وأبي الوَقْتِ: <نهى عُمَرُ ☺ عن بيع التَّمر>، وفي رواية غيرهما: <نهى النَّبي صلعم >، والله أعلم.
          (وَعَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ) بفتح الواو وكسر الراء، ويروى بسكون الراء، هو الدَّراهم المضروبة؛ أي: ونهى عن بيع الفضَّة بالذَّهب، كما في الرِّواية الثَّانية، ويحتمل التَّعميم أيضاً.
          (نَسَاءً) بفتح النون وبالمدِّ والقصر وهو منصوبٌ على المصدريَّة؛ أي: بيع نَسَاءٍ، ويجوز أن ينتصبَ على الحالية؛ أي: بالتَّأخير يقال: نَسَأْتُ الدين؛ أي: أخَّرته نَسَاءً وأنسأتُه إنساءً والنَّساء الاسم (بِنَاجِزٍ) أي: بحاضر، إذ لابدَّ في بيع الثَّمنين من الحلولِ والتَّقابض في المجلس.
          -(وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَال: نَهَى النَّبِيُّ صلعم ، عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ) أي: ثمره (حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ) أي: حتَّى يؤكل من النَّخل ثمره (أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ) صاحبه (وَحَتَّى يُوزَنَ) أي: حتَّى يخرص، وقد مرَّ آنفاً أنَّ المراد بدو صلاحه.
          واستدلَّ به على جواز السَّلَمِ في النَّخل المعيَّن من البستان المُعَيَّنِ، لكن بعد بدوِّ صلاحه، وهو قول المالكيَّة. وقد روى أبو داود وابنُ ماجه من طريق آخر عن ابن عمر ☻ : من قال: لا سَلَمَ في نخلٍ قبل أن تطلعَ فإن رجلاً أَسْلَمَ في حديقة نخل قبل أن تطلعَ فلم تطلع ذلك العام شيئاً فقال المشتري: هو لي حتَّى يطلع، وقال البائع: إنَّما بعتك هذه السنَّة، فاختصما إلى رسول الله صلعم / فقال: اردد عليه ما أخذت منه، ولا تسلموا في نخل حتَّى يبدوَ صلاحها، وهذا الحديث فيه ضعفٌ على ما قاله العَسْقَلَانِيُّ.
          ونقل ابن المُنْذِرِ اتِّفاق الأكثر على منع السَلَمِ في بستان معين؛ لأنَّه غرر هذا، وهو مذهب أصحابنا الحنفيَّة أيضاً، وقد حمل الأكثر الحديث المذكور على السَّلَمِ الحالِّ.
          وقد روى ابن حِبَّان والحَاكِمُ والبَيْهَقِيُّ من حديث عبد الله بن سَلَامٍ ☺ في قصَّة إسلام زَيْدِ بن سَعْنَةَ _بفتح السين وسكون العين المهملتين وفتح النون_ أنه قال لرسول الله صلعم : هل لك أن تبيعني غراً معلوماً إلى أجل معلوم من حائط بني فلان؟ قال: ((لا أبيعك من حائط مسمَّى بل أبيعك أوسقاً مسمَّاة إلى أجل مسمَّى)).