نجاح القاري لصحيح البخاري

باب السلم إلى من ليس عنده أصل

          ░3▒ (بابُ) حكم (السَّلَمِ إِلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلٌ) أي: ممَّا أسلَم فيه، وقيل: المراد بالأصل أصل الشَّيء الذي يُسْلَمُ فيه، فأصل الحَبِّ مثلاً الزَّرع، وأصل الثَّمر مثلاً الشَّجر. قال الحافظُ العَسْقَلَانِيُّ: والغرض من التَّرجمة أن ذلك لا يُشْتَرَطُ. هذا وقال العَيْنِيُّ: وكأنَّه أشار إلى السَلَم في المنقطع فإنَّه لا يجوز عندنا، وهذا على أربعة أوجه:
          الأوَّل: أن يكون المُسْلَمُ فيه موجوداً عند العقد منقطعاً عند الأجل، فإنَّه لا يجوز.
          والثَّاني: أن يكون موجوداً وقت العقد إلى الأجل، فيجوز بلا خلاف.
          والثَّالث: أن يكون منقطعاً عند العقد موجوداً عند الأجل.
          والرَّابع: أن يكون موجوداً وقت العقد والأجل، منقطعاً فيما بين ذلك فهذان الوجهان لا يجوز عندنا؛ خلافاً لمالك والشَّافعي وأحمد قالوا: لأنَّه مقدور التَّسليم فيهما. قلنا: غير مقدور التَّسليم؛ لأنه يتوهَّم موت المُسْلَمِ إليه فيحلُّ الأجل وهو منقطعٌ، فيتضرَّر ربُّ السَّلَم فلا يجوز.
          وفي «التَّوضيح»: وأصل السَّلَم أن يكون مختصًّا بمن عنده أصل ممَّا يُسْلَمُ فيه إلَّا أنَّه لمَّا وردت السنَّة في السَّلَم بالصِّفة المعلومة والكيل المعلوم والوزن المعلوم والأجل المعلوم كان عاماً فيمن عنده أصل ومن ليس عنده، انتهى.
          وقال العَيْنِيُّ: إذا لم يكن الأصل موجوداً عند حلولِ الأجل وفيما بين العقدِ والأجل يكون غرراً والشَّارع نهى عن الغَرر.